للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

قَدْ تَقَدَّمَ١ أَنَّ لِطَالِبِ الْعِلْمِ فِي طَلَبِهِ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً:

أَمَّا الْحَالُ الْأَوَّلُ؛ فَلَا يَسُوغُ الِاقْتِدَاءُ بِأَفْعَالِ صَاحِبِهِ كَمَا لَا يُقْتَدَى بِأَقْوَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ بَعْدُ، فَإِذَا كَانَ اجْتِهَادُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ؛ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ أَعْمَالَهُ إِنْ كَانَتْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَهِيَ سَاقِطَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِتَقْلِيدٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ فِي الِاقْتِدَاءِ إِلَى مُقَلِّدِهِ أَوْ إِلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ، وَلِأَنَّهُ عُرْضَةٌ لِدُخُولِ الْعَوَارِضِ٢ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِهَا فَيَصِيرُ عَمَلُهُ مُخَالِفًا فَلَا يُوْثَقُ بِأَنَّ عَمَلَهُ صَحِيحٌ فَلَا يُمْكِنُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّالِثُ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي صِحَّةِ اسْتِفْتَائِهِ، وَيَجْرِي الِاقْتِدَاءُ بِأَفْعَالِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِي؛ فَهُوَ مَوْضِعُ إِشْكَالٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْتِفْتَائِهِ٣، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ؛ فَاسْتِفْتَاؤُهُ٣ جارٍ عَلَى النَّظَرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي صِحَّةِ اجْتِهَادِهِ أَوْ عَدَمِ صِحَّتِهِ.

وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ بِأَفْعَالِهِ؛ فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ اجْتِهَادِهِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ كَصَاحِبِ الْحَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ اجْتِهَادِهِ جَرَى الِاقْتِدَاءُ بِأَفْعَالِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّفْصِيلِ وَالنَّظَرِ.

هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَعْمَالِهِ صَاحِبَ حَالٍ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ٤ حَالٍ وَهُوَ


١ في المسألة الثالثة عشرة من الطرف الأول في الاجتهاد.
٢ أي: من شأنها أن تدخل النقص والخلل في أعماله، وذلك كدواعي الهوى والانحراف عن قصد الدليل وغير ذلك. "د".
٣ في "ط": "استيفائه.. فاستيفاؤه".
٤ ليس خاصًا بالحالة الثانية، بل عام لكل من صح اجتهاده، واستفتاؤه كان من ذوي الحالة الثانية أو الثالثة. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>