للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

الِاعْتِرَاضُ عَلَى الظَّوَاهِرِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ١.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ لِسَانَ الْعَرَبِ هُوَ الْمُتَرْجِمُ عَنْ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ، وَلِسَانُ الْعَرَبِ يُعْدَمُ فِيهِ النص٢ أو ينذر إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّصَّ إِنَّمَا يَكُونُ نَصًّا إِذَا سَلِمَ عَنِ احْتِمَالَاتٍ عَشْرَةٍ٣، وَهَذَا نَادِرٌ أَوْ مَعْدُومٌ، فَإِذَا وَرَدَ دَلِيلٌ مَنْصُوصٌ وَهُوَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ؛ فَالِاحْتِمَالَاتُ دَائِرَةٌ بِهِ، وَمَا فِيهِ احْتِمَالَاتٌ لَا يَكُونُ نَصًّا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الظَّاهِرُ وَالْمُجْمَلُ، فَالْمُجْمَلُ الشَّأْنُ فِيهِ طَلَبُ الْمُبَيِّنِ أَوِ التَّوَقُّفُ؛ فَالظَّاهِرُ هو المعتمد إذن، فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ.

وَأَيْضًا؛ فَلَوْ جَازَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُحْتَمَلَاتِ لَمْ يَبْقَ لِلشَّرِيعَةِ دَلِيلٌ يُعتمد، لِوُرُودِ الِاحْتِمَالَاتِ وَإِنْ ضَعُفَتْ، وَالِاعْتِرَاضُ الْمَسْمُوعُ مِثْلُهُ يُضْعِفُ الدَّلِيلَ؛ فَيُؤَدِّي إِلَى الْقَوْلِ بِضَعْفِ جَمِيعِ٤ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ أَوْ أَكْثَرِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ.

وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: لَوِ اعْتُبِرَ مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ فِي الْقَوْلِ لَمْ يكن لإنزال الكتب


١ في "ماء": "غير مقبول".
٢ يطلق النص على الدليل السمعي مطلقًا، ومنه قوله هنا: "دليل منصوص"، ويطلق على ما لا يحتمل غير ما قصد به؛ فيكون قطعيًا في دلالته على معناه وهو ما سلم عن الاحتمالات العشرة، وهو ما أجرى المؤلف أدلته في الكتاب على مقتضاه، ويطلق على ما دل باعتبار وضعه واعتبار سوقه أيضًا على المعنى، وعلى هذا يقبل النص التأويل والتخصيص "د".
٣ تقدم في المسألة التاسعة من كتاب المقاصد. "د".
٤ أي: حيث قلنا بعدم النص، ومعلوم أن الإجماع والقياس مبنيان على أدلة الكتاب والسنة التي هي من قسم الظاهر الذي بقي من الأقسام كما سبق له، وقوله: "أو أكثرها"؛ أي: حيث قلنا بوجود قليل من النصوص. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>