للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذِّب"١، وَاسْتِشْكَالُهَا مَعَ الْحَدِيثِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الِانْشِقَاقِ: ٨] .

وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ هَذَا الْجِنْسَ مِنَ السُّؤَالَاتِ دَاخِلٌ فِي قِسْمِ الْمُنَاظِرِ الْمُسْتَعِينِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا بَعْدَ مَا نَظَرُوا فِي الْأَدِلَّةِ، فَلَمَّا نَظَرُوا أُشْكِلَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ، بِخِلَافِ السَّائِلِ عَنِ الحكم ابْتِدَاءً، فَإِنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُتَعَلِّمِينَ؛ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِ تَقْرِيرِ الْحُكْمِ، وَلَا عَلَيْكَ مِنْ إِطْلَاقِ٣ لَفْظِ "الْمُنَاظِرِ" فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ، كَمَا أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْأَصْلِ مَا إِذَا أَجْرَى الْخَصْمُ الْمُحْتَجُّ نَفْسَهُ مَجْرَى السَّائِلِ الْمُسْتَفِيدِ؛ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخَصْمُ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ٤ كَمَا جَاءَ فِي شَأْنِ حاجة إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [قَوْمَهُ] ٥ بِالْكَوْكَبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهُ فَرَضَ نَفْسَهُ بِحَضْرَتِهِمْ مُسْتَرْشِدًا حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ الْبُرْهَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الشُّعَرَاءِ: ٧٠-٧١] .

فَلَمَّا سَأَلَ عَنِ الْمَعْبُودِ سَأَلَ عَنِ الْمَعْنَى الْخَاصِّ بِالْمَعْبُودِ بِقَوْلِهِ: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّون} [الشُّعَرَاءِ: ٧٢-٧٣] ؛ فَحَادُوا عَنِ الْجَوَابِ إِلَى الْإِقْرَارِ بِمُجَرَّدِ الِاتِّبَاعِ لِلْآبَاءِ.


١ مضى تخريجه "٣٣/ ٢٩٣".
٢ حتى قال لها: "ذلك العرض". "د".
٣ الذي قد تظهر منافاته لإدخاله هذا الجنس في قسم المناظر المستعين؛ لأن الصحابة لا يعدون مناظرين للنبي صلى الله عليه وسلم إذا روعي معنى المناظرة اصطلاحًا، يعني؛ لأن هذا اصطلاح آخر. "د".
٤ لأنه يأخذ من مناظره الموافقة على مقدمات الدليل أولًا فأولًا؛ حتى لا يبقى إلا الاعتراف بالنتيجة. "د".
٥ سقطت من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>