للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجَادَلَةِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.

وَإِنْ كَانَ الْمَنَاظِرُ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا النَّظَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ فَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مُنَاظَرَتِهِ؛ إِذْ مَا مِنْ وَجْهٍ جُزْئِيٍّ فِي مَسْأَلَتِهِ إِلَّا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كُلِّيٍّ، وإذا خ الف فِي الْكُلِّيِّ؛ فَفِي الْجُزْئِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْلَى؛ فَتَقَعُ مُخَالَفَتُهُ فِي الْجُزْئِيِّ مِنْ جِهَتَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُ رُجُوعُهَا إِلَى مَعْنًى مُتَّفَقٍ١ عَلَيْهِ؛ فَالِاسْتِعَانَةُ مَفْقُودَةٌ.

وَمِثَالُهُ فِي الْفِقْهِيَّاتِ مَسْأَلَةُ الرِّبَا فِي غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ كَالْأُرْزِ، وَالدُّخْنِ، وَالذُّرَةِ، وَالْحُلْبَةِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ؛ فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِعَانَةُ هُنَا بِالظَّاهِرِيِّ النَّافِي لِلْقِيَاسِ لِأَنَّهُ بانٍ عَلَى نَفْيِ الْقِيَاسِ جُمْلَةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ قِيَاسِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ أن يناظر فيها مناظشرة الْمُسْتَعِينِ؛ إِذْ هُوَ مُخَالِفٌ فِي الْأَصْلِ الَّذِي يَرْجِعَانِ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْحُلْبَةِ وَالذُّرَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَالِكِيِّ إِذَا اسْتَعَانَ بِالشَّافِعِيِّ أَوِ الْحَنَفِيِّ وَإِنْ قَالُوا بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ؛ لِبِنَائِهِمَا الْمَسْأَلَةَ عَلَى خِلَافِ٢ مَا يَبْنِي عَلَيْهِ الْمَالِكِيُّ، وَهَذَا الْقِسْمُ شَائِعٌ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ؛ فَإِنَّ الْمُنْكِرَ لِلْإِجْمَاعِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي مسألة تنبني على صحة الإجماع، والمنكر


١ أي: فتضيع فائدة المناظرة التي يقصد منها رجوع المتناظرين إلى الحق. "د".
٢ القياس يتوقف على العلة؛ فبعد الاتفاق عليها تمكن الاستعانة في مثل هذا الموضوع؛ أما إذا اختلف فيها كما هنا؛ فلا يتأتى الاتفاق في نتيجة القياس؛ فامالكية يقولون: إن العلة في ربا النسيئة مجرد الطعم لا على وجه التداوي، فيدخل فيه الخضر والفواكه والبقول؛ فيمنع فيها النسيئة ولو متساوية، ومن ذلك الحلبة ولو جافة، وربا الفضل علته الاقتيات والادخار، أي مجموع الأمرين، فالطعام الربوي ما يقتات ويدخر، فهذا يمنع فيه الفضل في الجنس الواحدج، والنسيئة مطلقًا، ومنه الأرز والدخن والذرة، ويلحق به المصطلح، والشافعية يقولون: كل مطعوم ولو خضرًا أو دواء أو مصلحًا يدخله ربا الفضل وربا النسيئة، والحنفية يقولون: العلة الاتفاق في الجنس والتقدير بالكيل والوزن؛ كما ذكره في "البحر". "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>