للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

فَنَقُولُ: لَمَّا انْبَنَى الدَّلِيلُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا تُحَقِّقُ الْمَنَاطَ، وَالْأُخْرَى تَحْكُمُ عَلَيْهِ، وَمَرَّ أَنَّ مَحَلَّ النَّظَرِ هُوَ تَحَقُّقُ الْمَنَاطِ ظَهَرَ انْحِصَارُ الْكَلَامِ بَيْنَ الْمُتَنَاظِرَيْنِ هُنَالِكَ، بِدَلِيلِ الِاسْتِقْرَاءِ، وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْحَاكِمَةُ، فَلَا بُدَّ مِنْ فَرْضِهَا مُسَلَّمَةً.

وَرُبَّمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، فَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ النِّزَاعَ قَدْ يَقَعُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: "هَذَا مُسْكِرٌ" وَكُلُّ [مُسْكِرٍ] ١ خَمْرٌ أَوْ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"؛ فَقَدْ يُوَافِقُ الْخَصْمُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْكِرٌ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ فِيهَا أَيْضًا، وَإِذَا خَالَفَ فِيهَا فَلَا نَكِيرَ عَلَى الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الاختلاف، وقد يخالف فثي أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ فَإِنَّ الْخَمْرَ إِنَّمَا يطلق على النيىء مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، فَلَا يَكُونُ٣ هَذَا الْمُشَارُ إليه خمرًا وإن أسكر، وإذ ذالك لا يسلم أن كل مسكر مر، وَيُخَالِفُ أَيْضًا فِي أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ؛ فَإِنَّ الْكُلِّيَّةَ لِهَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ لَا تَثْبُتُ لِأَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ أُخْرِجَ مِنْهَا النَّبِيذُ بِدَلِيلٍ دَلَّ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ كُلِّيَّتُهَا؛ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ، فَإِذًا [قَدْ] ٤ صَارَتْ مُنَازَعًا فِيهَا؛ فَكَيْفَ يُقَالُ بِانْحِصَارِ النِّزَاعِ فِي إِحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ دُونَ الأخرى؟ بل كل واحدة منهما قابلة النزاع، وهو خلاف ما تأصّل.

والجواب: أن تَقَدَّمَ صَحِيحٌ، وَهَذَا الْإِشْكَالُ غَيْرُ وَارِدٍ، وَبَيَانُهُ أن


١ سقطت من "د" و"ف"، وكتب "د" ما نصه: "لعله سقط هنا كلمة "مسكر" كما يدل عليه لاحق الكلام".
٢ أي: فلا بدع في ذلك، ولا ضرر في طريق المناظرة. "د".
٣ أي: فلا يلزم إلا بعد تحقق أنه نيء من عصير العنب. "د".
٤ ما بين المعقوفتين سقط من "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>