غزارا. ولم يكن نصيبه منها بأقل من نصيب أبنائه مما يدل على عمق الصلة الروحية المتبادلة بين الشيخ وتلاميذه. وحين استقر به المقام في المعهد الجديد توسم فيه الشيخ شاكر مواهب إدارية بارزة إلى جانب كفايته العلمية فأتخذه عضده الأيمن في إرساء مناهج الدراسة واختيار الكتب والإشراف على سير التعليم ووضع أسئلة الامتحان وفي ٢٠ يناير سنة ١٩٠٧ عينه مفتشًا للمعهد إلى جانب دروسه الأزهرية والرياضية التي كان يلقيها للفرقة العليا في المعهد إذ ذاك، "وهي طبقة التصريح والسعد" والي جانب اشتغاله بتأليف الكتب النافعة للطلاب في السيرة النبوية وتقويم البلدان وغير ذلك.
ثم اتجهت رغبة أولي الأمر إلى إعادة هذه التجربة الناجحة، ونقل صورة من هذا النظام الذي جرب في معهد الإسكندرية إلى الجامع الأحمدي بطنطا، ورأى الخديوي عباس الثاني أن يقوم الشيخ عبد الله دراز بهذا العبء. فعينه وكيلًا لمشيخة الجامع الأحمدي في ٢٦ مارس سنة ١٩٠٨، وقد حقق الشيخ ما علق عليه من الآمال فما لبث أن عادل بين العلوم الأزهرية والعلوم المدرسية حتى لا يبغي بعضها على بعض، وقد اغتبط الجانب العالي الخديوي بهذا الفتح المبين الذي تم على يد الشيخ دراز، فقلده الوسام العثماني تقديرًا لجهوده الصادقة الموفقة، والذي يلفت النظر بوجه خاص أنه على الرغم من اتساع مجال الإصلاح أمامه وثقل العبء الإداري في معهد لا عهد له بالنظام؛ لم ينصرف عن مزاولة العلم والتعليم بنفسه، فكان يشتغل بتفسير القرآن الكريم لطلبة القسم العالي، وفي الوقت نفسه يضع المؤلفات المبتكرة في العلوم الجديدة؛ كـ "تاريخ أدب اللغة العربية"، وغيره.