إخوانه على طعام ولا سيما طعام الغذاء؛ لأنه كان لا يتعشى إلا نادرًا خفيفًا ولم يتعود منبهًا ولا مسكنًا ولا ملهاة قط.
وكان أصحابه وزواره يعرفون ميعاد نومه المبكر، فيستأذنون في الانصراف من المجلس أحب ما يكون السمر إليهم، فلا يلح عليهم في المكث؛ لأنه -رحمه الله- كان لا يعرف المواربة ولا الملق قط، وكانت صرامته في الحق مع فرط دماثة خلقه وغلبة صمته من الأسباب التي مكنت له في قلوب الخلق مزيجًا من المهابة والمحبة.
ثم كانت خاتمة أعماله أداء فريضة الحج المبرور، في أوائل سنة ١٩٣٢، ولم يلبث إلا قليلًا عقب عودته من الحجاز حتى ألم به المرض الأخير، وهو أتم ما يكون صحة وقوة، فمات -رحمه الله- في ليلة الخميس ٢٣ يونيو سنة ١٩٣٢، وصلي عليه في الجامع الأزهر، ودفن بمدافن الأسرة بقرافة العفيفي بقرب العباسية، ورثاه الشعراء وبكاه كل من اغترف من علمه أو ذاق حلاوة عشرته أو لمس صلابة دينه وصفاء سريرته وأكبر فيه عزة نفسه وعلو كرامته أو ناله بره من قريب أو بعيد.
طيب الله ثراه وأسكنه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.