للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَالِبُ الرُّخَصِ فِي نَمَطِ الْإِبَاحَةِ نُزُولًا عَنِ الْوُجُوبِ؛ كَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، أَوِ التَّحْرِيمِ؛ كَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النِّسَاءِ: ٢٥] إِلَى آخِرِهَا, وَإِذَا تَعَلَّقَتِ الْمَحَبَّةُ بِالْمُبَاحِ؛ كَانَ رَاجِحَ الْفِعْلِ.

فَهَذِهِ جُمْلَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ قَدْ يَكُونُ فِعْلُهُ أَرْجَحَ مِنْ تَرْكِهِ.

وَأَمَّا مَا يَقْتَضِي الْقَصْدَ إِلَى التَّرْكِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ فَجَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَمِّ [التَّنَعُّمَاتِ] ١ وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّهَوَاتِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَعَلَى الْخُصُوصِ قَدْ جَاءَ مَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْكَرَاهَةِ فِي بَعْضِ مَا ثَبَتَتْ لَهُ الْإِبَاحَةُ؛ كَالطَّلَاقِ السُّنِّيِّ٢؛ فَإِنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ: "أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ" ٣، وَلِذَلِكَ لَمْ


١ ساقطة من الأصل.
٢ وهو الذي رسمته السنة بأن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يمسها فيه، أما البدعي؛ فليس بمباح حتى يمثل به. "د".
٣ أخرجه أبو داود في "السنن" "كتاب الطلاق, باب في كراهية الطلاق، ٢/ ٢٥٥/ رقم ٢١٧٨" -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" "٧/ ٣٢٢"- وابن عدي في "الكامل" "٦/ ٢٤٥٣" من طريق محمد بن خالد الوهبي عن معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا.
وإسناده ضعيف، شذ محمد بن خالد الوهبي في وصله, فرواه من هو أوثق منه وأكثر عددا فأرسلوه، وهذا البيان:
أخرجه أبو داود في "سننه" "رقم ٢١٧٧", ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" "٧/ ٣٢٢": ثنا أحمد بن يونس، والبيهقي أيضا "٧/ ٣٢٢" من طريق يحيى بن بكير، وابن أبي شيبة في "المصنف" "٥/ ٢٥٣" من طريق وكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك في "البر والصلة" -كما في "المقاصد الحسنة" "١٢"- وأبو نعيم الفضل بن دكين -كما قال الدارقطني في "العلل" "٤/ ق ٥٢/ ب"-، خمستهم عن معرف بن واصل عن محارب مرسلا دون ذكر "ابن عمر" فيه، وهذا هو الصواب، وهو الذي رجحه أبو حاتم -كما في "العلل" "١/ ٤٣١" لابنه- والدارقطني في =

<<  <  ج: ص:  >  >>