للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرْكًا عَلَى غَيْرِ الْجِهَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ١.

وَالْجَوَابُ مِنْ وِجْهَيْنِ٢، أَحَدُهُمَا إِجْمَالِيٌّ، وَالْآخَرُ تَفْصِيلِيٌّ.

فَالْإِجْمَالِيُّ أَنْ يُقَالَ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُبَاحَ عِنْدَ الشَّارِعِ هُوَ الْمُتَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ؛ فَكُلُّ مَا تَرَجَّحَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ؛ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا، إِمَّا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ حَقِيقَةً وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُبَاحِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي أَصْلِهِ, ثُمَّ صَارَ غَيْرَ مُبَاحٍ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَقَدْ يُسَلَّمُ أَنَّ الْمُبَاحَ يَصِيرُ غَيْرَ مُبَاحٍ بِالْمَقَاصِدِ وَالْأُمُورِ الْخَارِجَةِ٣.

وَأَمَّا التَّفْصِيلِيُّ؛ فَإِنَّ الْمُبَاحَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لِأَصْلٍ ضَرُورِيٍّ، [أَوْ حَاجِيٍّ] ٤، أَوْ تَكْمِيلِيٍّ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ.

فَالْأَوَّلُ: قَدْ يُراعى مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ خَادِمٌ لَهُ؛ فَيَكُونُ مَطْلُوبًا وَمَحْبُوبًا٥ فِعْلُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَنَحْوِهَا مُبَاحٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِبَاحَتُهُ بِالْجُزْءِ٦، وَهُوَ خَادِمٌ لِأَصْلٍ ضَرُورِيٍّ، وَهُوَ إِقَامَةُ الحياة؛ فهو


١ أي: الخارجة عنه، الآتية بطريق الاستلزام يعني: بل ذلك راجع لنفس المباح؛ فلا تصلح هنا الأجوبة المتقدمة "د".
٢ في الأصل: "جهتين".
٣ انظر في هذا: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "١٠/ ٤٦٠-٤٦٢".
٤ ليست في الأصل.
٥ في "م" و"خ": "محبوبا ومحبوبا"!
٦ يعني أنه باعتبار هذا المأكول بعينه، وهذا الجزئي من الملبس والمشرب بخصوصه مباح، وباعتبار أنه يخدم ضروريا وهو إقامة الحياة -وهي جهة كلية- يكون مطلوبا ويؤمر به، لا من جهة خصوصيته، بل من جهة كليته؛ فليس الأمر آتيا من جهة كونه خوخا أو تفاحا أو خبزا في وقت كذا، بل من الوجهة العامة، ومن هنا يجيء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} إلى غير ذلك من صيغ الأوامر. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>