للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فِيمَنِ ارْتَكَبَ إِثْمًا وَلَمْ يَكْثُرْ مِنْهُ ذَلِكَ: إِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَبِيرَةً، فَإِنْ تَمَادَى وَأَكْثَرَ مِنْهُ كَانَ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَصَارَ فِي عِدَادِ مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً.

وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْوَاجِبَ لَيْسَ بِمُرَادِفٍ لِلْفَرْضِ؛ فَقَدْ يَطَّرِدُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، فَيُقَالُ: إِنَّ الْوَاجِبَ إِذَا كَانَ وَاجِبًا بِالْجُزْءِ كَانَ فَرْضًا بِالْكُلِّ١، لَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَانْظُرْ فِيهِ وَفِي أَمْثِلَتِهِ مُنَزِّلًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَسْتَتِبُّ التَّعْمِيمُ؛ فَيُقَالُ فِي الْفَرْضِ٢: إِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَمْنُوعَاتِ: إِنَّهَا تَخْتَلِفُ مَرَاتِبُهَا بِحَسَبِ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ، وَإِنْ عُدِّتْ فِي الْحُكْمِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقْتًا مَا، أَوْ فِي حَالَةٍ مَا؛ فَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ أُخَرَ، بَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهَا, كَالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ, وَسَائِرِ الصَّغَائِرِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمُدَاوَمَةَ لَهَا تَأْثِيرٌ في كبرها، وقد ينضاف٣ الذنب إلى


١ أي: فينزل الواجب منزلة المندوب فيما سبق, ويكون جزئيه واجبا وكليه فرضا، بل يكون هذا أولى من المندوب، وعليه لا يخرج الواجب عن الطريقة التي شرحت في المندوب والمكروه والمباح، واختلافها جزئيا عنهما كليا، وأخذ الكلي حكما* آخر من الأحكام الخمسة غير ما كان في الجزئي. "د".
٢ أي: أيضا كما قيل في الواجب والأقسام قبله، لكن بالطريقة التي ذكرها في هذا الفصل، وأن جريمة التكرار أكبر من الترك، وهكذا مما سبق له، لا أنه يأخذ لقبا آخر من ألقاب الأحكام الخمسة لم يكن له قبلا في الجزئية، ومثله يقال في الحرام. "د".
٣ في الأصل: "يضاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>