للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الْمُمْتَنَعُ، أَمَّا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَ الشَّارِعِ بِحَسَبِ التَّكْلِيفِ؛ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ صَحِيحٌ، كَمَا صَحَّ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخِصَالِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ إِذْ لَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي إِحْدَى الْخِصَالِ دُونَ مَا بَقِيَ؛ فَكَذَلِكَ هُنَا إِنَّمَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ سَدُّ الْخَلَّاتِ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ١ [فِيهِ] ٢ خَلَّةٌ فَلَا طَلَبَ، فَإِذَا تَعَيَّنَتْ وَقَعَ الطَّلَبُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَهُوَ مُمْكِنٌ لِلْمُكَلَّفِ مَعَ نَفْيِ التَّعْيِينِ فِي مِقْدَارٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ.

وَهُنَا ضَرْبٌ ثَالِثٌ آخِذٌ بِشِبْهٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ الْأَوَّلِينَ؛ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ لِأَحَدِهِمَا، هُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالزَّوْجَاتِ، وَلِأَجَلِّ مَا فِيهِ مِنَ الشَّبَهِ بِالضَّرْبَيْنِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، هَلْ لَهُ تَرَتُّبٌ فِي الذِّمَّةِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا تَرَتَّبَ؛ فَلَا٣ يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ٤؛ فَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ لَاحِقٌ بِضَرُورِيَّاتِ٥ الدِّينِ، وَلِذَلِكَ مُحِضَ بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّعْيِينِ، وَالثَّانِي لَاحِقٌ بِقَاعِدَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ، وَلِذَلِكَ وُكِلَ إِلَى اجْتِهَادِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالثَّالِثُ آخِذٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ بِسَبَبٍ مَتِينٍ؛ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ النَّظَرِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ عَلَى التَّعْيِينِ، والله أعلم.


١ في "د": "يتعين" بياء -آخر الحروف- في أوله.
٢ سقطت من النسخ المطبوعة، وأثبتناها من الأصل.
٣ بدلها في الأصل: "فقد"
٤ ذهب جمهور العلماء إلى أن نفقة الزوجة غير مقدرة، وأمرها موكول إلى ما يقتضيه حال الزوجين، وذلك مما يجعلها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال، واقتضى عدم تقديرها أن لا تستقر في الذمة، وأن تسقط بالإعسار، وكذلك يقول المالكية، والمشهور في مذهب الشافعية أنها مقدرة؛ فعلى الموسر مدان، وعلى الأوسط مد ونصف، وعلى المعسر مد، وينبني على تقديرها أنها تتعلق بالذمة ولا تسقط بالإعسار، وكذلك يقول الشافعية، وحجة الجمهور في القول بعدم تقديرها حديث هند بنت عتبة وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لها: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، وقد روي عن الإمام الشافعي -رضي الله عنه- ما يوافق مذهب الجمهور. "خ".
٥ في "د": "بضروريات".

<<  <  ج: ص:  >  >>