للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الْمَطَالِبِ، وَيُنَافِي الرُّجُوعَ إِلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ.

وَأَيْضًا؛ فَالِاحْتِيَاطُ لِلدِّينِ ثَابِتٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، مُخَصَّصٌ لِعُمُومِ أَصْلِ الْإِبَاحَةِ إِذَا ثَبَتَ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا, فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرَائِعِ عَلَى الْحَظْرِ؛ فَلَا نَظَرَ١ فِي اعْتِبَارِ الْعَوَارِضِ؛ لِأَنَّهَا تَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا، فَجَانِبُهَا أَرْجَحُ، وَمَنْ قَالَ: الْأَصْلُ٢ الْإِبَاحَةُ أَوِ الْعَفْوُ؛ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ بِاتِّفَاقٍ، بَلْ لَهُ مُخَصِّصَاتٌ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ لَا يُعَارِضَهُ طَارِئٌ وَلَا أَصْلٌ، وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا بِمَفْقُودَةِ الْمُعَارِضِ, وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ لِإِمْكَانِ تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ, عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ" ٣ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ


١ أي: فلا تحتاج إلى نظر في ذلك، بل لا بد من اعتبارها. "د".
٢ في الأصل: "إن أصل".
٣ أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر، ١٢/ ٥٠/ رقم ٦٧٦٤", ومسلم في "الصحيح" "كتاب الفرائض باب منه، ٣/ ١٢٣٣/ رقم ١٦١٤", وأبو داود في "السنن" "كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر، ٣/ ٣٢٦/ رقم ٢٩٠٩", والترمذي في "الجامع" "أبواب الفرائض، باب إبطال الميراث بين المسلم والكافر، ٤/ ٤٢٣/ رقم ٢١٠٧"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب الفرائض, باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك، ٢/ ٩١١/ رقم ٢٧٢٩"، وأحمد في "المسند" "٥/ ٢٠٠"، ومالك في "الموطأ" "٢/ ٥١٩"، وغيرهم من حديث أسامة بن زيد, رضي الله عنه.
قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" "٣/ ٨٤"، وعزاه للبخاري ومسلم وأصحاب "السنن" الأربعة: "وأغرب ابن تيمية في "المنتقى" فادعى أن مسلما لم يخرجه, وكذلك ابن الأثير في "الجامع" ادعى أن النسائي لم يخرجه".
قلت: نعم، هو ليس في "المجتبى" وهو من الكتب الستة، والحديث في "السنن الكبرى" للنسائي؛ كما في "تحفة الأشراف" "١/ ٥٦، ٥٧, ٥٨"؛ فابن الأثير مصيب، وتعقب ابن حجر للمجد ابن تيمية صحيح، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>