للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَظَرٌ مِنْ جِهَةِ مَا يَدْخُلُ١ تَحْتَ خِطَابِ الْوَضْعِ؛ إِمَّا سَبَبًا، أَوْ شَرْطًا، أَوْ مَانِعًا.

أَمَّا السَّبَبُ؛ فَمِثْلُ كَوْنِ النِّكَاحِ سَبَبًا فِي حُصُولِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَحِلِّيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَالذَّكَاةِ سَبَبًا لِحِلِّيَّةِ الِانْتِفَاعِ بِالْأَكْلِ، وَالسَّفَرِ سَبَبًا فِي إِبَاحَةِ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، وَالْقَتْلِ وَالْجُرْحِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ، وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ أَسْبَابًا لِحُصُولِ تِلْكَ الْعُقُوبَاتِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ وُضِعَتْ أَسْبَابًا لِشَرْعِيَّةِ تِلْكَ الْمُسَبَّبَاتِ.

وَأَمَّا الشَّرْطُ؛ فَمِثْلُ كَوْنِ النِّكَاحِ شَرْطًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ فِي حِلِّ مُرَاجَعَةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَالْإِحْصَانِ شَرْطًا فِي رَجْمِ الزَّانِي، وَالطَّهَارَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَالنِّيَّةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ وَمَا أَشْبَهَهَا لَيْسَتْ بِأَسْبَابٍ، وَلَكِنَّهَا شُرُوطٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي صِحَّةِ تِلْكَ الْمُقْتَضَيَاتِ.

وَأَمَّا الْمَانِعُ؛ فَكَكَوْنِ نِكَاحِ الْأُخْتِ مَانِعًا مِنْ نِكَاحِ الْأُخْرَى، وَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ مَانِعًا مِنْ نِكَاحِ عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، وَالْإِيمَانِ مَانِعًا من القصاص للكافر٢، والكفر


١ أي: إنه في النظر الأول لوحظ فيه أنه داخل تحت خطاب التكليف بقطع النظر عن كونه سببا أو شرطا مثلا، أما الثاني؛ فالنظر فيه إلى جهة كونه شرطا ... إلخ، مع كونه في كل من النظرين داخلا تحت خطاب التكليف، كما ترشد إليه الأمثلة في كليهما، والضرب الثاني أمثلته جميعها واضحة؛ لأنها أفعال داخلة تحت مقدور المكلف، وشرع أو وضع لأجلها أحكام أخرى؛ فكانت سببا لها أو شرطا أو مانعا. "د".
٢ هذا متفق عليه في حكم الكافر الحربي، وأما من دخل في ذمة الإسلام؛ فقد ذهب الإمام أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى إلى أنه يقتص له من المسلم في كل حال، واستندوا في ذلك إلى أحاديث أيدوها بالقياس على ما انعقد عليه الإجماع من قطع يد المسلم متى سرق مالًا لبعض أهل الذمة، وقالوا, حيث كانت حرمة ماله كحرمة مال المسلم: فلتكن حرمة دمه مساوية لحرمة دمه. "خ".

<<  <  ج: ص:  >  >>