للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ قُدْرَةٌ عَنِ الْكَفِّ عَنْهُ.

وَمِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ مَنْ تَابَ عَنِ الْقَتْلِ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ عَنِ الْقَوْسِ، وَقَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الرَّمِيَّةِ، وَمَنْ تَابَ مِنْ بِدْعَةٍ بَعْدَ مَا بَثَّهَا فِي النَّاسِ وَقَبْلَ أَخْذِهِمْ بِهَا، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ رُجُوعِهِمْ عَنْهَا، وَمَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَبِالْجُمْلَةِ بَعْدَ تَعَاطِي السَّبَبِ عَلَى كَمَالِهِ، وَقَبْلَ تَأْثِيرِهِ وَوُجُودِ مَفْسَدَتِهِ، أَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا وَقَبْلَ ارْتِفَاعِهَا إِنْ أَمْكَنَ ارْتِفَاعُهَا؛ فَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَى الْمُكَلَّفِ هُنَا الِامْتِثَالُ مَعَ بَقَاءِ الْعِصْيَانِ، فَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ؛ كَانَ عَاصِيًا مُمْتَثِلًا، إِلَّا أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ لَا يَتَوَارَدَانِ عَلَيْهِ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْعِصْيَانِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ١ لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ قُدْرَتِهِ؛ فَلَا نَهْيَ إِذْ ذَاكَ، وَمِنْ جِهَةِ الِامْتِثَالِ مُكَلَّفٌ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْخُرُوجِ وَمُمْتَثِلٌ بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا أَرَادَهُ الْإِمَامُ، وَمَا اعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِي هَاشِمٍ لَا يَرِدُ مَعَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ٢ إِذَا تَأَمَّلْتَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

- وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- جَعَلَ الْمُسَبَّبَاتِ فِي الْعَادَةِ تَجْرِي عَلَى وِزَانِ الْأَسْبَابِ فِي الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الِاعْوِجَاجِ، فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ تَامًّا وَالتَّسَبُّبُ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ كَانَ الْمُسَبَّبُ كذلك، وبالضد.


١ بل هو باقٍ من أثر التكليف في السبب وهو الدخول، وإيقاع السبب بمنزلة إيقاع المسبب؛ فهو مؤاخذ بالمسبب وإن لم يكن مقدورا له. "د".
٢ أي: بخلاف ما إذا قيل: إن النهي يتوجه عليه حين الخروج، كما يتوجه عليه الأمر به؛ لأنه يكون تكليفا بما لا يطاق كما قال، والذي رفع الإشكال هو الابتناء على القاعدة القائلة: إن المسببات معتبرة شرعا بفعل الأسباب، ومرتبة عليها؛ فيبني عليه أن المسببات ما دامت موجودة تأخذ حكم الأسباب وإن عدمت، وهو ما أشار إليه العضد شارح ابن الحاجب. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>