للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاخْتِيَارِيِّ إِذَا عَرَضَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ أَفْطَرَ مِنْ أَجْلِهِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ١ إِذَا اضْطُرَّ بِسَبَبِ السَّفَرِ الَّذِي عَصَى بِسَبَبِهِ، وَعَلَيْهِمَا يَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذَا بَيْنَ أَبِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِ، فِيمَنْ تَوَسَّطَ٢ أَرْضًا مَغْصُوبَةً.

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

الْأَسْبَابُ الْمَمْنُوعَةُ أَسْبَابٌ لِلْمَفَاسِدِ لَا لِلْمَصَالِحِ، كَمَا أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمَشْرُوعَةَ أَسْبَابٌ لِلْمَصَالِحِ لَا لِلْمَفَاسِدِ.

مِثَالُ ذَلِكَ٣: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِقَامَةِ الدِّينِ، وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَإِخْمَادِ الْبَاطِلِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَلَيْسَ بِسَبَبٍ -فِي الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ- لِإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ، وَلَا نَيْلٍ مِنْ عِرْضٍ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَذَلِكَ الْجِهَادُ مَوْضُوعٌ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى مَفْسَدَةٍ فِي الْمَالِ أَوِ النَّفْسِ، وَدَفْعُ الْمُحَارِبِ مَشْرُوعٌ لِرَفْعِ الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ وَإِنْ أَدَّى إِلَى الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ، وَالطَّلَبُ بِالزَّكَاةِ مَشْرُوعٌ لِإِقَامَةِ ذَلِكَ الرُّكْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى الْقِتَالِ، كَمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصُ مَشْرُوعٌ لِمَصْلَحَةِ الزَّجْرِ عَنِ الْفَسَادِ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى إِتْلَافِ النُّفُوسِ، وَإِهْرَاقِ الدِّمَاءِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَفْسَدَةٌ، وَإِقْرَارُ حُكْمِ الْحَاكِمِ٤ مَشْرُوعٌ لِمَصْلَحَةِ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ، وَإِنْ أدى إلى


١ على النحو الذي قررناه في ترخص العاصي بسفره. "د".
٢ فإذا قلنا: يعتبر المسبب وحده بقطع النظر عن السبب؛ فلا إثم عليه بالخروج عن الأرض، وإن قلنا: إن السبب ملاحظ فيه، وقد تسبب؛ فالإثم باقٍ حتى يخرج. "د".
٣ انظر حول المثال المذكور: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٢٨/ ١٢٦، ١٢٩-١٣٤، ١٦٥-١٦٨".
٤ أي: عدم نقضه، ولو كان خطأ؛ فلا ينقض إلا إذا خالف إجماعا أو نصا, أو خالف القواعد الشرعية. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>