للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ فِيهَا حَمْلًا عَلَى الْمُشْتَرِي، حَيْثُ أَعْطَى ثَمَنًا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا تعنَّى فِيهِ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي حَصَلَتْ فِي الْمَبِيعِ؛ فَكَانَ الْعَدْلُ النَّظَرَ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ، فَاعْتُبِرَ فِي الْفَوْتِ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ، وَالتَّغَيُّرُ الَّذِي لَمْ يَفُتِ الْعَيْنَ، وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ عَدَمَ الْفَسْخِ، وَتَسْلِيطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الِانْتِفَاعِ؛ لَيْسَ سَبَبُهُ الْعَقْدَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، بَلِ الطَّوَارِئَ الْمُتَرَتِّبَةَ بَعْدَهُ.

وَالْغَصْبُ مِنْ هَذَا النَّحْوِ أَيْضًا, فَإِنَّ عَلَى الْيَدِ الْعَادِيَةِ حُكْمَ الضَّمَانِ شَرْعًا١، وَالضَّمَانُ٢ يَسْتَلْزِمُ تَعَيُّنَ الْمِثْلِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ؛ فَاسْتَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى مَعَ الْمَالِكِ بِوَجْهٍ مَا، فَصَارَ لَهُ بِذَلِكَ شُبْهَةُ مِلْكٍ، فَإِذَا حَدَثَ فِي الْمَغْصُوبِ حَادِثٌ تَبْقَى مَعَهُ الْعَيْنُ عَلَى الْجُمْلَةِ؛ صَارَ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ، نَظَرًا إِلَى حَقِّ صَاحِبِ الْمَغْصُوبِ، وَإِلَى الْغَاصِبِ؛ إِذْ لَا يَجْنِي عَلَيْهِ غَصْبُهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي الْغُرْمِ عُقُوبَةً٣ لَهُ، كَمَا أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ لَا يُظْلَمُ بِنَقْصِ حَقِّهِ؛ فَكَانَ فِي


١ أسباب الضمان ثلاثة: الإتلاف، والتسبب، ووضع اليد غير المؤتمنة، وقد جعل بعض الفقهاء الغاصب ضامنا للرقبة دون الغلة مستندا إلى حديث: "قضى أن الخراج بالضمان"، وهذا الحديث قضية معينة لا يلحق بها إلا ما ماثلها من الصور، ولا وجه في النظر الصحيح يقضي باستواء المبطل والمحق، كما أن تضمينه الرقبة بأرفع القيم أقرب إلى العدل من تضمينه قيمتها يوم الغصب فقط؛ إذ هو مأمور بإرجاعها إلى صاحبها في كل الأحوال ومن جملتها ارتفاع قيمتها إلى غايتها القصوى. "خ".
٢ في الأصل زيادة: "لا".
٣ لا يظهر فيما إذا كان التغير بارتفاع الأسواق، ولا في كل ما كانت زيادتها لا ترجع إلى تكاليفه أو صنعه، بل كان ناشئا عن حالتها هي بأن كانت عشراء فولدت مثلا، فيزيد ثمنها كثيرا، فهذا وأمثاله لا يظهر أن يقال فيه: إنه تغير يعتد به مفوتا، ويلزم الغاصب بخصوص القيمة يوم الغصب؛ لأن هذا حمل على خصوص صاحبها، ولذلك جرى الخلاف في مثله. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>