للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْوَجْهِ؛ كَانَ النَّظَرُ فِيهَا آخَرَ؛ فَإِنَّ قَصْدَ التَّشَفِّي بِقَصْدِ١ الْقَتْلِ مُتَسَبِّبٌ فِيمَا هُوَ عِنْدَهُ مَصْلَحَةٌ أَوْ دَفْعُ مَفْسَدَةٍ, وَكَذَلِكَ تَارِكُ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا فِرَارًا مِنْ إِتْعَابِ النَّفْسِ، وَقَصْدًا إِلَى الدَّعة وَالرَّاحَةِ بِتَرْكِهَا؛ فَهُوَ مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ فَاعِلٌ بِإِطْلَاقٍ، أَوْ تَارِكٌ بِإِطْلَاقٍ، مُتَسَبِّبٌ فِي دَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ لَهَا، كَمَا كَانَ النَّاسُ فِي أَزْمَانِ الْفَتْرَاتِ، وَالْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ هُنَا هي المعتبرة بملاءمة الطَّبْعِ وَمُنَافَرَتِهِ؛ فَلَا كَلَامَ هُنَا فِي مِثْلِ هَذَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:

الْأَسْبَابُ -مِنْ حَيْثُ هِيَ أَسْبَابٌ شَرْعِيَّةٌ لِمُسَبَّبَاتٍ- إِنَّمَا شُرِعَتْ لِتَحْصِيلِ مُسَبَّبَاتِهَا، وَهِيَ الْمَصَالِحُ الْمُجْتَلَبَةُ، أَوِ الْمَفَاسِدُ الْمُسْتَدْفَعَةُ.

وَالْمُسَبَّبَاتُ بِالنَّظَرِ إِلَى أَسْبَابِهَا ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا شُرِعَتِ الْأَسْبَابُ٢ لَهَا؛ إِمَّا بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ٣، وَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ٤ أَوِ الْمَقَاصِدِ٥ الأُوَل أَيْضًا، وَإِمَّا بِالْقَصْدِ الثَّانِي وَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْمَقَاصِدِ التَّابِعَةِ٦، وكلا الضربين مبين في كتاب "المقاصد".


١ في الأصل: "بسبب".
٢ أي: علما أو ظنا بدليل مقابليه، وما جاء له في بيانه لهذا القسم. "د".
٣ قصد الشارع في الأمور من جلب المصالح ودفع المفاسد. "ماء".
٤ سيأتي أنها ما لم يكن فيها حظ للمكلف بالقصد الأول، وأنها هي الواجبات العينية والكفائية، ومقابلها ما كان فيه حظ للمكلف ولم يؤكد الشارع في طلبها إحالة على ما جبل عليه طباعه من سد الخلات ونيل الشهوات، وبيانه في المسألة الثانية من النوع الرابع من المقاصد الشرعية. "د".
٥ مغايرة في العبارة. "د".
٦ وهو قصد أحدنا لما قصد الشارع ... وهو تابع للقصد الأول. "ماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>