للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَظِنَّةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِإِطْلَاقٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِي مَعْنَاهَا؛ فَلْيَجُزِ التَّسَبُّبُ بِإِطْلَاقٍ، بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا بِإِطْلَاقٍ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَظِنَّةٍ لِلْحِكْمَةِ، وَلَا تُوجَدُ فِيهَا عَلَى حَالٍ.

لِأَنَّا نَقُولُ١: إِنَّمَا نَظِيرُ السَّفَرِ بِإِطْلَاقٍ نِكَاحُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِإِطْلَاقٍ، فَإِنْ قُلْتُمْ بِإِطْلَاقِ الْجَوَازِ مَعَ عَدَمِ اعْتِبَارِ [وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ] ٢ الْمُقَيَّدَةِ؛ فَلْتَقُولُوا بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا صُورَةٌ مُقَيَّدَةٌ مِنْ مُطْلَقِ صُوَرِ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، بِخِلَافِ نِكَاحِ الْقَرَابَةِ الْمُحَرَّمَةِ، كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ مَثَلًا؛ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِإِطْلَاقٍ٣؛ فَالْمَحَلُّ غَيْرُ قَابِلٍ بِإِطْلَاقٍ، فَهَذَا مِنَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ٤؛ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِهِ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، وَإِذْ ذَاكَ يَكُونُ بَعْضُ الْأَسْبَابِ مَشْرُوعًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الْحِكْمَةُ وَلَا مَظِنَّتُهَا، إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ فِي نَفْسِهِ قَابِلًا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمَحَلِّ فِي نَفْسِهِ مَظِنَّةٌ لِلْحِكْمَةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وُقُوعًا، وَهَذَا مَعْقُولٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ اعْتِبَارَ وُجُودِ الْحِكْمَةِ فِي مَحَلٍّ عَيْنًا لَا يَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ لَا تُوجَدُ إِلَّا ثَانِيًا عَنْ وُقُوعِ السَّبَبِ، فَنَحْنُ قَبْلَ وُقُوعِ السَّبَبِ جَاهِلُونَ بِوُقُوعِهَا أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهَا؛ فَكَمْ مِمَّنْ طَلَّقَ عَلَى أَثَرِ إِيقَاعِ النِّكَاحِ، وَكَمْ مِنْ نِكَاحٍ فُسِخَ إِذْ ذَاكَ لِطَارِئٍ طَرَأَ أَوْ مَانِعٍ مَنَعَ، وَإِذَا لَمْ نَعْلَمْ وُقُوعَ الْحِكْمَةِ؛ فَلَا يصح


١ أي: فالمقارنة على ما صورتم غير مستقيمة؛ لأنه يلزم أن يقارن المطلق بالمطلق, والمطلق هنا نكاح الأجنبية حلف بطلاقها أو لا، هذا هو الذي يقارن بالسفر مطلقا، فإذا قلتم بإطلاق الجواز في السفر ولو لم تتحقق المشقة في مثل مسألة الملك؛ فلتقولوا بإطلاق الجواز في زواج الأجنبية وإن لم تتحقق الحكمة من النكاح في المحلوف بطلاقها. "د".
٢ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وفيه: "اعتباره مقيدة"، وفي "ط" بدله "الصورة".
٣ في "د": "بإطلا" من غير قاف.
٤ أي: إذا لم يكن المحل غير قابل، بل كان قابلا وإن منع منه مانع خارج؛ صح التسبب، وتحمل عليه المسائل المتقدمة التي استشكلها القرافي؛ فينحل الإشكال. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>