للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ يَكُونُ هَذَا السَّبَبُ الْمَمْنُوعُ يُسَبِّبُ مَصْلَحَةً١ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَيْسَ ذَلِكَ سَبَبًا فِيهَا؛ كَالْقَتْلِ٢ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِيرَاثُ الْوَرَثَةِ، وَإِنْفَاذُ الْوَصَايَا، وعتق المدبرين، وحرية أمهات الأولاد و [كذلك] ٣ الْأَوْلَادُ٤، وَكَذَلِكَ الْإِتْلَافُ بِالتَّعَدِّي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُتَعَدِّي لِلْمُتْلَفِ، تَبَعًا لِتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ، وَالْغَصْبُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ إِذَا تَغَيَّرَ فِي يَدَيْهِ، عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَعْلُومِ بِنَاءً عَلَى تَضْمِينِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ؛ فَالْعَاقِلُ لَا يَقْصِدُ التَّسَبُّبَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَفْسَدَةٍ عَلَيْهِ، لَا مَصْلَحَةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ إِذَا قُصِدَ؛ فَالْقَصْدُ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْمُسَبَّبَ الَّذِي مُنِعَ لِأَجْلِهِ لَا غَيْرَ ذلك؛ كالتشفي٥


١ أي: يترتب عليه أمر معتد به شرعا له أحكامه ومستتبعاته، وإن كان السبب الممنوع لم يقصد به ذلك في نظر الشارع، كما تقدم في النكاح، يترتب عليه الطلاق وإن لم يكن في مقاصده؛ لأنه لا طلاق إلا في ملك عصمة، إلا أن هذا يمكن أن يقال في كل ما تضمنته الأسباب الممنوعة لأنها غير مقصودة بالتسبب، بخلاف المشروعة؛ فبعض ما ينبني عليها مقصود بالتسبب. "د".
٢ كتب ناسخ الأصل في الهامش ما نصه: "قوله: "ليس ذلك سببا فيها، كالقتل ... إلخ" يريد: إن الميراث وما معه مسبب عن الموت المسبب عن القتل".
٣ سقطت من "د"، وأثبته من الأصل و"خ" و"م"، "وكذلك الأولاد" ليست في "ط".
٤ كتب الناسخ في هامش الأصل: "إن صحت الرواية بهذا؛ فالمراد أولاد أمهات الأولاد من غيره إذا خلقوا بعد صيرورتها أم ولد".
٥ هل يعتبر شفاء النفس من غيظها بقتل من غاظها مصلحة؟ وكذا مطلق الانتفاع بالمسروق والمغصوب بقطع النظر عما يترتب عليهما من الملك، الظاهر أن ذلك كله لا يسمى مصلحة، أعني أمرا معتدا به شرعا، له أحكام؛ كالملك فهو مصلحة لها توابع كثيرة، وعليه؛ فلا يظهر وجه لإدراج هذا في الضرب الثاني الذي يترتب عليه مصلحة، وكان يجمل به أن يجعله أمرا ثالثا غير الضربين المذكورين، يرشدك إلى أن التشفي وما معه ليس مصلحة بالمعنى المقصود، قوله: "فهذا القصد غير قادح في ترتب الأحكام المصلحية" يعني كملك المغصوب، فيؤخذ منه أن التشفي ليس حكما مصلحيا. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>