إحداهما في عدم الشرط، والأخرى في الحكم، وهو ما لم يذكروا له مثالا فضلا عن اطراده. وقد علمت مثاله على الرأي الثاني، وهو يريد بإدماج النوعين في تعريف واحد جعل الشرط نوعا واحدا كما سيأتي له ذلك في المانع أيضا، ويجعل ذلك اصطلاحه، أما أمثلته؛ فالمثال الأول لشرط السبب لأن ملك النصاب سبب لوجوب الزكاة، وحكمته التي اقتضاها وصف الغنى، وشرط هذا السبب المكمل له في هذه الحكمة الحول وبعبارة أخرى إمكان النماء؛ لأن استقرار حكم الملك إنما يكون بالتمكن من الانتفاع به في وجود المصالح؛ فقدر له حول جعل مناطا لهذا التمكن الذي يظهر به وجه كونه غنيا، فعدم الشرط وهو التمكن ينافي حكمة السبب وهي الغنى، وعليه؛ فمتى اختلت حكمة السبب لعدم الشرط؛ فلا يترتب الحكم أيضا، فقوله: "أو لحكمة الغنى" تنويع في العبارة، أي: إن ما يقتضيه الملك هو الحكمة التي هي وصف الغنى، وكذا يقال في أمثاله الآتية بعد. ومثاله الثاني لشرط الحكم؛ فالزنى سبب لحكم هو الرجم، وحكمته حفظ النسل وبقاء النوع الإنساني، أي: حكمة ترتب الحكم عليه وشرعيته عنده حفظ النسل، وشرطه الإحصان، فإذا عدم الإحصان؛ كان معذورا، فعدم الحكم وهو الرجم مع بقاء حكمة السبب وهي حفظ النسل؛ لأن حفظ النسل يحصل برجم المحصن وغير المحصن، ولا يخفى عليك أنه لا يظهر في مثاله هذا تطبيقه على ما جرى عليه من أن شرط الحكم مكمل لحكمة الحكم التي اقتضاها؛ لأنه لا يوجد فيه حكمتان متنافيتان بين عدم الشرط والحكم، أما على الرأي الثاني؛ فظاهر كما صورناه. ومثاله الثالث من شرط السبب؛ فالقتل العمد العدوان سبب في القصاص، وحكمته المترتبة من شرعية الحكم عنده الزجر واستتباب الأمن، وشرطه التكافؤ بحيث لا يقتل الأعلى بالأدنى، فإذا عدم الشرط وهو التكافؤ؛ اختلت حكمة السبب وهي الزجر، واستتباب الأمن؛ لأنه يترتب على قتل الأعلى بالأدنى مفسدة، ونزاع وهرج؛ لأنه لا تقبله النفوس، فعدم الشرط مخل بحكمة السبب؛ فلا حكم أيضا. ومثاله الرابع من شرط السبب أيضا؛ فالصلاة سبب للثواب، وحكمتها الانتصاب للمناجاة =