وبهذا البيان تعلم أنه لم يخالف اصطلاحهم إلا في العبارة، وجعل النوعين للشرط مندرجين في عبارة واحدة، مع أنك ترى فيها النوعين صريحين، ولكنه يريد أن يجعل الشرط شرطا للسبب مطلقا؛ إلا أنه تارة يكون مكملا لحكمته هو، أو مكملا لحكمة الحكم المترتب عليه والمآل واحد، وسيأتي له في المانع جعله قسما واحدا وهو مانع السبب فقط كما هو صريح تعريفه له وإدراجه الأمثلة التي ذكروها للنوعين تحته، وسيأتي الكلام معه فيه. لا يقال: إنه لم يذكر في الشرط أن عدمه ينافي أو لا ينافي، وإنما اعتبر كونه مكملا، وهم قد اعتبروا فيه المنافاة؛ فاصطلاحه بعيد عن اصطلاحهم، لنا نقول أولا: إن عدم المكمل ينافي كمال المكمل؛ سواء أكان سببا، أم حكما؛ فهو آيل إلى كلامهم، وثانيا، فإن الشرط والمانع من باب واحد كلاهما يعد مانعا، ولا فرق إلا أن هذا مانع بجهة عدمه، وقد صرح في المانع بالتنافي بين مقتضى المانع وعلة الحكمة كما يأتي؛ فلا معنى لاعتبار التنافي في أحد المانعين دون الآخر، وبالجملة؛ فقد أراد أن يخالف الاصطلاح كما يقول، وأوجز حتى صار الكلام ألغازا؛ فاضطرنا إلى هذا الإطناب، والله أعلم. "د". ١ في "ط": "وبحيث".