للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمَجْرُوحِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ؛ فَجَازَ عَفْوُهُ عَنْهُ مُطْلَقًا١ كَمَا يَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْ سَائِرِ الْجِرَاحِ، وَعَنْ عِرْضه إِذَا قُذِفَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مُدْرَكَ حُكْمِ الْعَفْوِ لَيْسَ مَا قَالُوهُ٢ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْمَجْرُوحِ وَلَا لِأَوْلِيَائِهِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذُ دِيَةِ النَّفْسِ كَامِلَةً قَبْلَ الزُّهُوقِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالُوهُ؛ لَكَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ٣.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَمْلِيكِ الْمَرْأَةِ؛ فَإِنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ حَقَّ نَفْسِهَا فِيمَا شَرَطَتْ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ؛ لَمْ يَبْقَ لَهَا مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ بِالتَّمْلِيكِ قَدْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا٤ فِيهِ بَعْدَ مَا جَرَى سَبَبُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِتُزَوُّجِهِ تَأْثِيرٌ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْإِسْقَاطِ، وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ.

وَمَسْأَلَةُ إِذْنِ الْوَرَثَةِ بَيِّنَةُ٥ الْمَعْنَى؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ فِي صِحَّةِ الْمِلْكِ لَا فِي تَعَلُّقِهِ، وَالْمَرَضَ سَبَبٌ فِي تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِمَالِ الْمَوْرُوثِ لَا فِي تَمَلُّكِهِمْ لَهُ؛ فَهُمَا سَبَبَانِ، كل واحد منهما يَقْتَضِي حُكْمًا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ، فَمِنْ حَيْثُ


١ أي: زاد عن ثلث ماله أم لا؛ فلا شأن للورثة بذلك. "د".
٢ أي: فيما سبق من بنائه على أن مجرد حصول السبب قاضٍ بترتب المسبب, وإن لم يحصل الشرط اعتبارا باقتضاء السبب. "د".
٣ ومعلوم أن الزهوق شرط في القصاص والدية، وقد اتفقوا على أنه إن لم يحصل هذا الشرط؛ فلا يتأتى القصاص ولا أخذ دية النفس، فاتفاقهم دليل على أن مجرد حصول السبب بدون الشرط لا يترتب عليه المسبب، ولو كان هناك من يقول باعتبار السبب وحده بدون الشرط؛ لكان قائلا بصحة استيفاء الدية والقصاص قبل تحقق الشرط وهو الزهوق، ولم يقل بذلك أحد؛ فدل على اعتبار الجميع للشرط في تحقق حكم المسبب. "د".
٤ أي: فليس تزوج المرأة شرطا في صحة التمليك؛ لأن الملك تم بمجرد الصيغة، غايته أن أثره إنما يكون بعد التزوج، فإذا أسقطت الملك؛ فليس إسقاطا قبل حصول الشرط في الملك. "د".
٥ في الأصل: "مبينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>