للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخِرَةِ، وَهُوَ الثَّوَابُ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ.

فَتَكُونُ الْعِبَادَةُ بَاطِلَةً بِالْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ؛ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا جَزَاءٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَابِقَةٍ لِمُقْتَضَى الْأَمْرِ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً بِالْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ أَيْضًا.

فَالْأَوَّلُ: كَالْمُتَعَبِّدِ رِئَاءَ النَّاسِ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الْعِبَادَةَ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ.

وَالثَّانِي: كَالْمُتَصَدِّقِ بِالصَّدَقَةِ يُتْبِعُهَا بِالْمَنِّ وَالْأَذَى، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} ١ الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ٢٦٤] .

وَقَالَ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ٢ [الزُّمَرِ: ٦٥] .

وَفِي الْحَدِيثِ: "أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لم يتب"٣.


١ فقد قضت الآية بأنها كالعدم في الآخرة؛ لأنها كتراب على حجر صلد نزل عليه وابل فلم يترك له أثرا، وظاهر أن هذا باعتبار الآخرة. "د".
٢ فالعبادة التي حصل فيها الإشراك مع الله باطلة بالمعنيين؛ أي: في الدنيا والآخرة. "د".
٣ أخرج عبد الرزاق في "المصنف" "٨/ ١٨٤-١٨٥/ رقم ٤٨١٢، ٤٨١٣"، وأحمد في "المسند"، وسعيد بن منصور -كما في "نصب الراية" "٤/ ١٦"- والدارقطني في "السنن" "٣/ ٥٢"، والبيهقي في "الكبرى" "٥/ ٣٢٠-٣٣١" عن معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأته "أنها دخلت على عائشة في نسوة، فسألتها؛ فقالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية؛ فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى أجل، ثم اشتريتها منها بستمائة، فنقدته الستمائة، وكتبت عليه ثمانمائة؛ فقالت عائشة: بئس والله ما اشتريت، وبئس والله ما بعت، أخبري زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا أن يتوب".

<<  <  ج: ص:  >  >>