للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأُمَّهَاتِ وَسَائِرِ مَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ، وَفِي التَّعْرِيضِ بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [الْبَقَرَةِ: ١٥٨] ، يُعْطِي مَعْنَى الْإِذْنِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ وَاجِبًا١؛ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ١٥٨] ، أَوْ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ؛ فَيَكُونُ التَّنْبِيهُ هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ الَّذِي يَلْزَمُ الْوَاجِبَ مِنْ جِهَةِ مُجَرَّدِ الْإِقْدَامِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جَوَازِ التَّرْكِ أَوْ عَدَمِهِ.

وَلَنَا أَنْ نَحْمِلَهُ٢ عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ، وَيَكُونُ قوله في مثل الآية٣: {مِنْ شَعَائِرِ} [البقرة: ١٥٨] قَرِينَةً صَارِفَةً لِلَّفْظِ عَنْ مُقْتَضَاهُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، أَمَّا مَا لَهُ سَبَبٌ مِمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ مُبَاحٌ؛ فَيَسْتَوِي مَعَ مَا لَا سَبَبَ لَهُ فِي مَعْنَى الْإِذْنِ، وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يَجْرِي الْقَوْلُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى٤، وَسَائِرِ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى.

وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالرُّخْصَةِ جَمْعٌ بَيْنَ


١ ويكون مثاله أن يجاب سائل فاتته صلاة العصر مثلا وظن أنه لا يجوز قضاؤها عند الغروب؛ فيقال له: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فالغرض إجابته بمقدار ما يدفع شبهته، لا بيان أصل وجوب العصر عليه. "د".
٢ أي: فيكون المراد منه الطلب والوجوب، ولوحظ في هذا التعبير السبب وهو كراهة المسلمين الطواف؛ لمكان إساف ونائلة "الصنمين اللذين كانا يتمسح بهما أهل الجاهلية فوق الصفا والمروة" فنزلت الآية بطلب السعي، ولوحظ في التعبير تحرج المسلمين وكراهتهم، ويكون قوله: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} صارفا للفظ {لَا جُنَاحَ} عن أصل وضعه من رفع الإثم فقط. "د".
٣ في النسخ المطبوعة: "ويكون مثل قوله في الآية", وما أثبتناه من الأصل و"ط".
٤ إلا أنه لا يوجد فيها قرينة لفظية لصرف اللفظ عن ظاهره إذا اعتبرنا السبب وجعلناها للطلب، نعم فيها قرينة حالية وهي نفس السبب، وهو أن بعضهم كان يؤثم المتعجل وبعضهم يؤثم المتأخر. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>