للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْحَاجِيَّاتُ١، فَمَعْنَاهَا أَنَّهَا مُفْتَقَرٌ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ التَّوْسِعَةِ وَرَفْعِ الضِّيقِ٢ الْمُؤَدِّي فِي الْغَالِبِ إِلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ اللَّاحِقَةِ بِفَوْتِ الْمَطْلُوبِ، فَإِذَا لم تراع دخل علتى الْمُكَلَّفِينَ- عَلَى الْجُمْلَةِ٣- الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الْفَسَادِ الْعَادِيِّ الْمُتَوَقَّعِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.

وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي الْعِبَادَاتِ، وَالْعَادَاتِ، وَالْمُعَامَلَاتِ، وَالْجِنَايَاتِ٤:

فَفِي الْعِبَادَاتِ: كَالرُّخَصِ الْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى لحوق المشقة بالمرض


= أما تعريض الغنائم في الأمم السابقة لحرق النار السماوية بجمعها في مكان خاص وعدم نيل شيء منها، فظاهر أنه ليس من إتلاف الإنسان للمال، وكان تحريمها عليهم لحكمة تخليص نفوسهم من قصد الغنائم بالجهاد، وقد رخص فيها في شرعنا خاصة كما في الحديث: "ولم تحل لأحد قبلي، وقصة: "فطفق مسحا بالسوق والأعناق" ليس فيها إتلاف لها، بل إما أن يكون من باب استعراضها وتفقد أحوالها بيده لا بالسيف كما حققه الفخر، وإما أن يكون ذلك تقربا إلى الله بأحب المال عنده لأكل الفقراء كما هو المشهور، أو ليكون كالوسم بالنار لحبسها في سبيل الله. "د".
قلت: قال هذا ردا على "خ" حيث قال: "أوردوا على هذه الدعوى أن الخمر كانت مباحة في الشرائع المتقدمة كما كانت مباحة في صدر الإسلام، وما أجيب به من أن المباح في تلك الشرائع هو ما لا يبلغ حد السكر غير مستقيم، قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" قد تأملت التوراة والإنجيل، فلم أجد فيهما إلا إباحة الخمر مطلقا من غير تقييد بعدم السكر، فلم يتم دعوى اتفاق الملل على التحريم".
١ انظر عنها: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٥/ ٢٧٠، ٢٧٤، ٢٧٥، ٨/ ١٩٤، ١٩٥" ط.
٢ في نسخة "ماء/ ص ١١٧ط: "التضييق".
٣ أي: ليس كل المكلفين يدخل عليه الحرج بفقد هذه الحاجيات. "د".
٤ يستفاد من تمثيل المصنف وكلامه الآتي أنه يفرق بين العادات والمعاملات، إذ يجعل العادات مما يفتقر إليه الناس من الحاجات والمصالح التي لا يتوقف تحصيلها على إبرام عقد، أو إنشاء علاقة في تصرف شرعي، وأما المعاملات، فهي ما ما كان ناشئا عن عقد أو تصرف شرعي أو غير شرعي تربطه بغيره، والجنايات وإن اعتبرها المصنف قسما قائما برأسه غير أنها تدخل في المعاملات بما تنشئ من علاقة بين الجاني والمجني عليه، أو بين الجاني والمجتمع أو الدولة، أفاده الدريني في "بحوث مقارنة" "١/ ٤١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>