وَكَذَلِكَ نَقُولُ: إِذَا كَانَ أَصْلُ الصَّلَاةِ مَنْهِيًّا عَنْهُ قَصْدًا، أَوِ الصِّيَامُ كَذَلِكَ، كَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الصِّيَامِ فِي الْعِيدِ، فَكُلُّ مَا تَتَّصِفُ بِهِ مِنْ مُكَمِّلَاتِهَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ أَصْلِ النَّهْيِ، مِنْ حَيْثُ نُهِيَ عَنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي لَهَا هَيْئَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ فِي الْوُقُوعِ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَذَلِكَ، وَلَا تَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهَا إِلَّا بِمَجْمُوعِ أَفْعَالِهَا وَأَقْوَالِهَا، فَانْدَرَجَتِ الْمُكَمِّلَاتُ تَحْتَ النَّهْيِ بِانْدِرَاجِ الْكُلِّ.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقَائِقَ فِي أَنْفُسِهَا لَا تَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهَا بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مَنْهِيًّا عَنْهَا مُطْلَقًا، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَنْهِيًّا عَنْهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَمْ يَلْزَمِ ارْتِفَاعُهَا بِارْتِفَاعِ مَا هِيَ تَابِعَةٌ لَهُ، فَلَا يَلْزَمُ مِنِ اخْتِلَالِ الْأَصْلِ اخْتِلَالُ الْفَرْعِ كَمَا أَصَّلْتُ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا مَعَ مَقَاصِدِهَا هَذِهِ النِّسْبَةُ، كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَثْبُتُ الْوَسَائِلُ شَرْعًا مَعَ انْتِفَاءِ الْمَقَاصِدِ، كَجَرِّ الْمُوسَى فِي الْحَجِّ عَلَى رَأْسِ مَنْ لَا شَعَرَ لَهُ، فَالْأَشْيَاءُ إِذَا كَانَ لَهَا حَقَائِقُ فِي أَنْفُسِهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا وُضِعَتْ مُكَمِّلَةً أَنْ تَرْتَفِعَ بِارْتِفَاعِ الْمُكَمَّلِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالتَّكْبِيرَ وَغَيْرَهُمَا لَهَا اعْتِبَارَانِ:
* اعْتِبَارٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ.
* وَاعْتِبَارٌ مِنْ حَيْثُ أَنْفُسِهَا.
فَأَمَّا اعْتِبَارُهَا مِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي، فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي اعْتِبَارِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أَجْزَاءٌ مُكَمِّلَةٌ لِلصَّلَاةِ، وَبِذَلِكَ الْوَجْهِ صَارَتْ بِالْوَضْعِ كَالصِّفَةِ مَعَ الْمَوْصُوفِ، وَمِنَ الْمُحَالِ بَقَاءُ الصِّفَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَوْصُوفِ، إِذِ الْوَصْفُ مَعْنًى لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ عَقْلًا، فَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي الِاعْتِبَارِ مِثْلَهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِبَقَاءِ المكمِّل مَعَ انْتِفَاءِ المكمَّل، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute