للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَضْعُ الشَّرِيعَةِ عَلَى وَفْقِ الْأَغْرَاضِ، وَإِنَّمَا يَسْتَتِبُّ١ أَمْرُهَا بِوَضْعِهَا عَلَى وفق المصالح مطلقا، وافقت الأغرض أَوْ خَالَفَتْهَا.

فَصْلٌ:

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا انْبَنَى عَلَيْهِ قَوَاعِدُ:

- مِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرُّ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِذْنُ، وَفِي الْمَضَارِّ الْمَنْعُ، كَمَا قَرَّرَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ٢، إِذْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ انْتِفَاعٌ حَقِيقِيٌّ وَلَا ضَرَرٌ حَقِيقِيٌّ، وَإِنَّمَا عَامَّتُهَا أَنْ تَكُونَ إِضَافِيَّةً.

وَالْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ إِذَا كَانَتْ رَاجِعَةً إِلَى خِطَابِ الشَّارِعِ -وَقَدْ عَلِمْنَا مِنْ خِطَابِهِ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْأَوْقَاتِ٣ حَتَّى يَكُونَ الِانْتِفَاعُ الْمُعَيَّنُ مَأْذُونًا فِيهِ فِي وَقْتٍ أَوْ حَالٍ أَوْ بِحَسَبِ شَخْصٍ، وَغَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ إِذَا كَانَ


١ في نسخة "ماء / ص ١٣١": "يثبت".
٢ لا مانع أن يحمل الإطلاق في كلام الرازي على أنه بعد التحقق من كونه الشيء منفعة أو مضرة من استقراء مقاصد الشرع يكون الحكم ما قاله من أن المنفعة الأصل فيها الإذن، والمضرة المنع، لا أن مراده أن الأصل في كل ما يطلق عليه أحدهما ولو بوجه من الوجوه يعتبر له حكمه، وهذا الذي أشرنا إليه هو الذي يصح أن يفهم به كلام مثل الإمام الرازي، على أن هذا هو بعينه الذي جرى عليه المؤلف في النظر الثاني في المسألة الخامسة، ولذا قلنا: إنه يلزم أن تكون المسألة الثامنة مقيدة لإطلاق المسألة الخامسة. "د".
قلت: وكلام الرازي في "المحصول" "١/ ١٥٨وما بعدها، و ٦/ ٩٧ وما بعدها"، وانظر في المسألة: "البرهان" "١/ ٩٩"، والمستصفى" "١/ ٤١"، و"الإحكام" "١/ ١٣٠".
للآمدي، و"الإحكام" "١/ ٥٨/ ٦٨" لابن حزم، و"شرح التنقيح" "ص ٩٢"، و"شرح الكوكب" "١/ ٣٢٥"، و"سلاسل الذهب" "٤٢٣- ٤٢٤"، و"المسودة" "ص ٤٧٤"، "وتيسير التحرير" "٢/ ١٦٧" و"نشر البنود" "١/ ٢٧"، و"مذكرة الشنقيطي" "١٩".
٣ لكن على وجه عام كلي كما سبقت الإشارة إليه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>