للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

مَقَاصِدُ الشَّارِعِ فِي بَثِّ الْمَصَالِحِ فِي التَّشْرِيعِ أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً عَامَّةً، لَا تَخْتَصُّ بِبَابٍ دُونَ بَابٍ، وَلَا بِمَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ، وَلَا بِمَحَلِّ وِفَاقٍ دُونَ مَحَلِّ خِلَافٍ١، وَبِالْجُمْلَةِ الْأَمْرُ فِي الْمَصَالِحِ مُطَّرِدٌ مُطْلَقًا فِي كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَجُزْئِيَّاتِهَا.

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مُطْلَقِ الْمَصَالِحِ، وَأَنَّ الْأَحْكَامَ مَشْرُوعَةٌ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَلَوِ اخْتَصَّتْ لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً لِلْمَصَالِحِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ٢ الْبُرْهَانَ قَامَ عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَصَالِحَ فِيهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ.

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ- وَهُوَ الْقَرَافِيُّ٣- أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَصَالِحِ إِنَّمَا يَسْتَمِرُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْعَقْلِيَّةَ أَنَّ الرَّاجِحَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الشَّيْءَ وَالنَّقِيضَ٤، بل متى كان أحدهما


١يشير إلى ما سيأتي عن القرافي وابن عبد السلام، وقد عقد هذه المسألة للرد عليهما، وبيان ما هو الواقع فيما ادعياه، وقد أصاب كل الإصابة، وملك عليهما جميع النوافذ، رحمه الله. "د".
٢ في نسخة "ماء/ ص ١٣٤": "ولكن".
٣ في كتابه "نفائس الأصول" "٩/ ٣٩٠١".
٤ أي: لأن المصلحة الغالبة في المحل- أي: الراجحة التي يعتبرها الشرع- واحدة لا تتعدد، أي: فلا يسلم العقل بأن المصلحة الراجحة التي يراعيها أحدهما يكون نقيضها مصلحة راجحة أخرى يراعيها القائل الآخرن فلا يتأتى مع القول بإصابة كل مجتهد أن تكون الأحكام تابعة للمصالح، كما لا يتأتى معه أيضا القول بالقياس، لأنه مبني على وجود العلة التي هي المصلحة المراعاة في المقيس عليه. "د".
قلت: وفي هذا الموضع من الأصل: "أن يكون هو النقيضين"،وكذا في "النفائس".

<<  <  ج: ص:  >  >>