للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ التَّبْدِيلُ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَلَمْ يَجُزْ عَلَى أَهْلِ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ الْقَاضِي: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَهْلِ التَّوْرَاةِ: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [الْمَائِدَةِ: ٤٤] ، فَوَكَلَ الْحِفْظَ إِلَيْهِمْ، فَجَازَ التَّبْدِيلُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الْحِجْرِ: ٩] ، فَلَمْ يَجُزِ التَّبْدِيلُ عَلَيْهِمْ، قَالَ عَلِيٌّ: فَمَضَيْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيِّ، فَذَكَرْتُ لَهُ الْحِكَايَةَ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ كَلَامًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا١.

وَأَيْضًا مَا جَاءَ مِنْ حَوَادِثِ الشُّهُبِ أَمَامَ بِعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْعِ الشَّيَاطِينِ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ لَمَّا كَانُوا يَزِيدُونَ فِيمَا سَمِعُوا مِنْ أَخْبَارِ السَّمَاءِ، حَيْثُ كانوا يسمعون الكلمة فيزيدون معها مئة كِذْبَةٍ أَوْ أَكْثَرَ٢، فَإِذَا كَانُوا قَدْ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ، فَكَذَلِكَ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ عَجَزَتِ الْفُصَحَاءُ اللُّسُنُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ


١ ذهب بعض أهل العلم كالرازي إلى أن تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل إنما هو بسوء تأويلهما وحمل نصوصهما على ما يطابق أهواءهم، وقد تتبع فريق من العلماء المحققين، كابن حزم، وابن تيمية، والشيخ رحمة الله الهندي جملة من نسخهما، وأفاضوا في بيان ما دخل عليها من تحريف اللفظ وتبديل العبارة، وتحريف الكلم بالتأويل الباطل قد دخل في تفسير القرآن كما مني به غيره من الكتب المتقدمة، ولكن الله وقاه من تحريف اللفظ، ولم تستطع أيدي الزنادقة أن تمسه بسوء. "خ".
قلت: انظر نحو الحكاية المذكورة في: تفسير القرطبي" "١٠/ ٥-٦"، و"حاشية الجمل على الجلالين" "٢/ ٦٠٦".
٢ يشير المصنف إلى ما أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ٦/ ٣٠٤/ رقم ٢٢١٠"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب السلام" باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، ٤/ ١٧٥٠/ رقم ٢٢٢٨" عن عائشة مرفوعا: "إن الملائكة تنزل في العنان -وهو السحاب- فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع، فتسمعه، فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون منها مائة كذبة من عند أنفسهم" لفظ البخاري. وفي "ط": "أو أكثر من مائة كذبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>