للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضٍ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَنْ تَرُدَّهَا حُرُوفِهَا، وَلَا تَقْبَلَهَا عَلَى مُطَابَقَةِ حُرُوفِ الْعَجَمِ أَصْلًا، وَمِنْ أَوْزَانِ الْكَلِمِ مَا تَتْرُكُهُ عَلَى حَالِهِ فِي كَلَامِ الْعَجَمِ، وَمِنْهَا مَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالتَّغْيِيرِ كَمَا تَتَصَرَّفُ فِي كَلَامِهَا، وَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، صَارَتْ تِلْكَ الْكَلِمُ مَضْمُومَةً إِلَى كَلَامِهَا كَالْأَلْفَاظِ الْمُرْتَجَلَةِ وَالْأَوْزَانِ الْمُبْتَدَأَةِ لَهَا، هَذَا مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَا إِشْكَالَ.

وَمَعَ ذَلِكَ، فَالْخِلَافُ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ١ فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ تُوضَعَ مَسْأَلَةٌ كَلَامِيَّةٌ يَنْبَنِي عَلَيْهَا اعْتِقَادٌ، وَقَدْ كَفَى اللَّهُ مَؤُونَةَ الْبَحْثِ فِيهَا بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْأَسْمَاءِ الْأَعْجَمِيَّةِ.

فَإِنْ٢ قُلْنَا: إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا عُجْمَةَ فِيهِ، فَبِمَعْنَى أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى لسان معهود العرب فِي أَلْفَاظِهَا الْخَاصَّةِ وَأَسَالِيبِ مَعَانِيهَا، وَأَنَّهَا فِيمَا فُطِرَتْ عَلَيْهِ مِنْ لِسَانِهَا تُخَاطِبُ بِالْعَامِّ يُرَادُ بِهِ ظَاهِرُهُ، وَبِالْعَامِّ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ فِي وَجْهٍ وَالْخَاصُّ فِي وَجْهٍ، وَبِالْعَامِّ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ، وَالظَّاهِرُ٣ يُرَادُ بِهِ غَيْرُ الظَّاهِرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُعْرَفُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ، [وَتَتَكَلُّمُ بِالْكَلَامِ يُنْبِئُ أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ، أَوْ آخِرُهُ عَنْ أَوَّلِهِ] ٤، وَتَتَكَلَّمُ بِالشَّيْءِ يُعْرَفُ بِالْمَعْنَى كَمَا يُعْرَفُ بِالْإِشَارَةِ، وَتُسَمِّي الشَّيْءَ الْوَاحِدَ بِأَسْمَاءَ كَثِيرَةٍ، وَالْأَشْيَاءَ الْكَثِيرَةَ بِاسْمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهَا لَا تَرْتَابُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ هِيَ وَلَا مَنْ تَعَلَّقَ بِعِلْمِ كلامها.


١ قال الآمدي: "اختلفوا في اشتمال القرآن على كلمة غير عربية، فأثبته ابن عباس وعكرمة، ونفاه آخرون"، فالخلاف قديم، ومحله أسماء الأجناس لا الأعلام. "د".
٢ في "ط": "فإذا".
٣ في الأصل و"ط": "وظاهر".
٤ ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>