٢ وأما غيرهم، فهو تابع، والتابع لا حكم له. ٣ جعل هذا الثالث دليلا على أنه يجب أن تكون على ما عهدوا حتى تكون حجة عليهم، وقد كان كونها على ما عهدوا دليلا بنفسه على أنها أمية، وعليه، فليس الدليل الثاني إلا دعوى محتاجة إلى الدليل الثالث، ولا يصلح أن يكون دليلا بنفسه إلا أن يبقى الكلام في هذا الدليل الثالث فيقال: هل لو جاءت الشريعة على طريق يحتاج لعلوم كونية ووسائل فلسفية، ولكنها صيغت في القالب العربي المعجز لهم عن الإتيان بمثله، بحيث يفهمون معناه والغرض منه، وإن كانوا في تطبيقه وتعرف مبنى أحكامه محتاجين إلى تلك الوسائل، كما إذا بنى أوقات الصلوات الخمس على مواعيد تحتاج إلى الآلات والتقاويم الفلكية، ولم يكتف بالمشاهدات الحسية كما صنع في الزوال والغروب والشفق إلخ، أو بنى الصوم لا على رؤية الهلال بالبصر، بل وضع القاعدة على لزوم معرفة علم الميقات لمعرفة أول رمضان، لو كان الشارع بدل أن يبني الأحكام على الأمور الحسية التي تسع جميع الخلق بناها على أمور علمية كما صورنا، هل كان ذلك يمنع عن فهم القرآن وغرضه، ويكون الحال مثل ما إذا جاء بلغة أعجمية بالنسبة للعرب؟ الجواب بالنفي، غايته أنه يكون في تكاليفها مشاق على أكثر الخلق بإلزامهم بتعرف هذه الوسائل ليطبقوا أوامر الشريعة حسبما أرادت، أما أنهم يعجزون عن فهم الكتاب حتى لا يكون حجة، فليس بظاهر لأن حجيته عليهم جاءت من جملة أمور أهمها عندهم أنه كلام من جنس كلامهم في كل شيء إلا أنه بأسلوب أعجزهم عن الإتيان بمثله. "د".