للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخَوَّفَ الرَّحْلُ مِنْهَا تَامِكًا قَرِدًا ... كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ١

فَقَالَ عُمَرُ: "أَيُّهَا النَّاسُ! تَمَسَّكُوا بِدِيوَانِ شِعْرِكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْسِيرَ كِتَابِكُمْ"٢، فَلَيْسَ بَيْنَ الْخِبْرَيْنِ تَعَارُضٌ لِأَنَّ هَذَا [قَدْ] ٣ تَوَقَّفَ فَهْمُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا، فَاللَّازِمُ الِاعْتِنَاءُ بِفَهْمِ مَعْنَى الْخِطَابِ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَالْمُرَادُ، وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي٤ الْخِطَابُ ابْتِدَاءً، وَكَثِيرًا مَا يُغْفَلُ هَذَا النَّظَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابِ٥ وَالسُّنَّةِ، فَتُلْتَمَسُ غَرَائِبُهُ وَمَعَانِيهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي٦، فَتَسْتَبْهِمُ عَلَى الْمُلْتَمِسِ، وَتَسْتَعْجِمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مَقَاصِدَ الْعَرَبِ، فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي غَيْرِ مَعْمَلٍ، وَمَشْيُهُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، وَاللَّهُ الْوَاقِي بِرَحْمَتِهِ.


١ التامك: السنام، والقرد: الذي تجعد شعره فكان كأنه وقاية للسنام، والنبع: شجر للقسي والسهام، والسفن: كل ما ينحت به غيره. "د".
في حاشية المخطوط ما نصه: "الرحل، بالحاء المهملة: ما يوضع على الدابة، والضمير في "منها" لناقة، وتامكا، على وزن فاعل: سنام الناقة، وقرد، بفتح القاف، وكسر الراء: لبد من السمن، وعود النبعة معروف، والسفن، بفتح السين والفاء: آلة القطع كالقدوم، يقول: إن الرحل قطع من ناقته سناما سمينا كما قطع القدوم شجرة النبع".
٢ مضى تخريجه "١/ ٥٨"، وهو ضعيف، وتقدم بيان ما في الشعر من الغريب بتفصيل، ولله الحمد.
٣ ليست في الأصل ولا في "ماء".
٤ في الأصل: "بني".
٥ في الأصل: و"ط": "إلى الكتاب",.
٦ ومن أطرف ما يحكى ما عزاه النعيمي في "الدارس في تاريخ المدارس" "١/ ٢٥" إلى النووي بقوله: "وبقيت أكثر من شهرين أو أقل، لما قرأت في "التنبيه": يجب الغسل من إيلاج الحشفة في الفرج"، أعتقد أن ذلك قرقرة البطن، فكنت أستحم بالماء البارد كلما قرقر بطني".
ونقلها أيضا الذهبي في "تاريخ الإسلام" "ق ٥٧٤- نسخة رامبور" والسخاوي في ترجمة الإمام النووي" "ص٥، ٦"، والسيوطي في "المنهاج السوي" "ص٣٢" وعقب عليها بعضهم بقوله: "والظاهر أن الحياء كان يمنعه السؤال عن ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>