للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكِتَ عَنْهُ، أَوْ مِمَّا وَقَعَ نَادِرًا مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ مُحَالًا بِهِ عَلَى آيَةِ التَّنْزِيهِ.

وَعَلَى هَذَا، فَالتَّعَمُّقُ فِي الْبَحْثِ فِيهَا وَتَطَلُّبُ مَا لَا يَشْتَرِكُ الْجُمْهُورُ فِي فَهْمِهِ خُرُوجٌ عَنْ مُقْتَضَى وَضْعِ الشَّرِيعَةِ الْأُمِّيَّةِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا جَمَحَتِ النَّفْسُ إِلَى طَلَبِ مَا لَا يُطْلَبُ مِنْهَا فَوَقَعَتْ فِي ظُلْمَةٍ لَا انْفِكَاكَ لَهَا مِنْهَا، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:

وَلِلْعُقُولِ قُوًى تَسْتَنُّ١ دُونَ مَدًى ... إِنْ تَعْدُهَا٢ ظَهَرَتْ فِيهَا اضْطِرَابَاتُ

وَمِنْ طِمَاحِ النُّفُوسِ إِلَى مَا لَمْ تُكَلَّفْ بِهِ نَشَأَتِ الْفِرَقُ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا.

وَأَمَّا الْعَمَلِيَّاتُ، فَمِنْ مُرَاعَاةِ الْأُمِّيَّةِ فِيهَا أَنْ وَقَعَ تَكْلِيفُهُمْ بِالْجَلَائِلِ فِي الْأَعْمَالِ وَالتَّقْرِيبَاتِ٣ فِي الْأُمُورِ، بِحَيْثُ يُدْرِكُهَا الْجُمْهُورُ كَمَا عَرَّفَ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ بِالْأُمُورِ الْمُشَاهَدَةِ لَهُمْ، كَتَعْرِيفِهَا بِالظِّلَالِ، وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ، وَغُرُوبِهَا وَغُرُوبِ الشَّفَقِ، وَكَذَلِكَ فِي الصِّيَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٧] ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِمْ مَنْ حَمَلَ الْعِبَارَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، نَزَلَ٤: {مِنَ الْفَجْرِ} .

وَفِي الْحَدِيثِ: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" ٥.


١ من استن الفرس قمص وهو أن ترفع يديها وتطرحهما معا وتعجن برجليهان وهو غاية الاعوجاج في سيرها، فلا تقطع به الطريق، وتؤذي راكبها. "د".
٢ في الأصل: "تعده".
٣ لعل الأصل "بالتقريبات"، أي فلم يكلفوا بما يقتضي الضبط التام للأوقات، بل بأمارات وعلامات تقريبية، مع أنها جعلت أمارات لجلائل الأعمال كالصلاة والصوم والحج. "د".
٤ سيأتي تخريج ذلك "٣/ ٢٩٨".
٥ أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الصوم باب متى يحل فطر الصائم، ٤/ ١٩٦ رقم ١٩٥٤"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الصيام، باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، ٢/ ٧٧٢/ رقم ١١٠٠"، والترمذي في "الجامع "أبواب الصوم، باب وقت انقضاء الصوم وخروج النهار/ رقم ٦٩٨"، والنسائي في "الكبرى"- كما في "تحفة الأشراف" "٨/ ٣٤"-، وأحمد في "المسند" "١/ ٢٨، ٣٥، ٤٨، ٥٤"،والبيهقي في الكبرى "٤/ ٢١٦، ٢٣٧، ٢٣٨" عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>