٥- دعوته الجادة إلى التطبيق العملي بمزج الفروع الفقهية بالمقاصد الشرعية؛ ليستخرج القول الحق فيها.
٦- والكتاب وضعه هذا الإمام؛ ليكون "وسيلة إلى فقه الاستنباط" بحذق اللسان، وتشخيص علم المقاصد؛ إلا أنه في حقيقته: فقه في الدين، ومثال متميز في توظيف الاستقراء الكلي؛ لفهم نصوص الوحيين، وعلم متكامل بنظام الشريعة وأسس التشريع ومقاصده في مصالح العباد في الدارين.
لهذه الوجوه وغيرها بهر العلماء, وتسابقوا إليه، وعكفوا عليه، وتسابقوا إلى طباعته شرقا وغربا؛ إذ طُبع في تونس عام "١٣٠٢" ثم في قازان عام "١٣٢٧"، وطُبع في مصر ثلاث طبعات عام "١٣٤١" بتعليق الشيخ محمد الخضر حسين على الجزأين الأولين، وبتعليق الشيخ محمد حسنين مخلوف على الثالث والرابع، ثم بتحقيق الشيخ محمد بن عبد الحميد، ثم بتحقيق الشيخ عبد الله دراز بمقدمته الحافلة وتعليقاته المحررة التي تليق بمكانة الكتاب ومنزلته.
ولعله في قُطْره "الغرب الإسلامي" أول من نسج في الأصول بركنيه على هذا الطراز، وهو في قطره أول من بسط الكلام على:"علم المقاصد"، ونهض به، وفتق مسائله، وشيد عمارته، وجال في تفاصيله، وشخصها، ولفت الأنظار إلى قواعده الكلية، وبَسَطَها، وتعمق في بحثها، مناشدا باستخراج علل الأحكام، وحكمتها، ومصالحها، وصَرَف أنظار الفقهاء من الخلاف والجدل الفقهي الجامد في الفروعيات إلى تطعيمه بالنظر في مقاصد الشارع، وأنها كالحياض الواسعة لهذه الفروعيات والخلافيات فيتقلص ظل الخلاف، وتلتقي الأحكام الاجتهادية ما أمكن في قالب واحد، وفق مقاصدها التي وضعت لها،