للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِانْفِكَاكِ خَاصًّا بِبَعْضِ الْمِيَاهِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْأَوَّلِ سَاقِطٌ لِعُمُومِهِ، وَالثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِخُصُوصِهِ، وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ: هَلْ هُوَ طَهُورٌ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ خَاصٌّ، وَكَالتَّغَيُّرِ بِتَفَتُّتِ الْأَوْرَاقِ فِي الْمِيَاهِ خُصُوصًا فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالطَّلَاقُ قَبْلَ النِّكَاحِ١ إِنْ كَانَ عَامًا سَقَطَ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَفِيهِ خِلَافٌ، كَمَا إِذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنَ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ مِنَ السُّودَانِ أَوْ مِنَ الْبِيضِ أَوْ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ كُلُّ ثَيِّبٍ وَمَا أَشْبَهَ٢ ذَلِكَ، فَهِيَ طَالِقٌ، وَمِثْلُهُ كُلُّ أَمَةٍ اشْتَرَيْتُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قَصْدِ الْوَطْءِ مِنَ الْخَاصِّ٣، كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ حُرَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى قَصْدِ مُطْلَقِ الْمِلْكِ مِنَ الْعَامِ فَيَسْقُطُ، فَإِنْ قَالَ فِيهِ: كُلُّ أَمَةٍ اشْتَرَيْتُهَا مِنَ السُّودَانِ كَانَ خَاصًّا، وَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مُمْكِنٌ، وَهُوَ أَقْرَبُ مَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، إِلَّا أَنَّ نَصَّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَشْبَاهِهَا عَنْ مَالِكٍ بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ بِالِاعْتِبَارِ يَجِبُ أَنَّ يُحَقَّقَ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ وَفِي غيرها بالنسبة إلى علم الفقه٤، لا


١ في حاشية الأصل: "انظر هذا، فإن حمل مسألة الطلاق قبل الملك على عموم الحرج وخصوصه يقتضي أن سبب خلاف الإمامين مراعاة الحرج وعدمه وليس كذلك، وإنما سبب الخلاف مراعاة الملك التقديري في الخاص عند مالك وعدم مراعاته مطلقا عن الشافعي، كذا قيل، وفيه نظر، والصواب ما عند المصنف، فإن مالكا اعتبر الملك التقديري في الخاص لعموم الحرج أو غلبته فيه وإلا فلا فرق، فلو كان....".
٢ في الأصل: "أو".
٣ لأنه له نكاح غير الإماء، أما الملك فلا يكون لغير الإمام، وقد عمم الحرج بهذه الصيغة، فوسع عليه بإسقاط ما تقتضيه تلك الضيغة، فله أن يملك الإماء، ولكن ليس له نكاحهن، عملا بالعموم في الأول، والخصوص في الثاني. "د".
٤ أي: فالخلاف بالاعتبار وعدمه في المذهبين يكون من الخلاف في الفروع لا في الأصول، ولكن ابن العربي نقله على أنه خلاف في الأصول كما هو صريح عبارته، يقول المؤلف: إذا ثبت هذا الخلاف الذي يعزوه ابن العربي إلى المذهبين، كان المراد به ما شرحه المؤلف في هذا الوجه، وكان مقتضى قواعد الأصولية مصححا له لكن على أنه نظر فقهي لا أصولي. "د"

<<  <  ج: ص:  >  >>