للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَقْعَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ النَّهْيُ عَنِ الظُّلْمِ١، وَالْوَعِيدُ فِيهِ وَالتَّشْدِيدُ، وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ٢ [فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَنَزَلَ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لُقْمَانَ: ١٣] فَخَفَّفَ عَنْهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ قَلِيلَ الظُّلْمِ وَكَثِيرَهُ منهيٌّ عَنْهُ، لَكِنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ مُطْلَقَ الظُّلْمِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْأَمْنُ فِي الْآخِرَةِ وَالْهِدَايَةُ؛ لِقَوْلِهِ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ] أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الْأَنْعَامِ: ٨٢] .

وَلَمَّا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمن خَانَ" ٣، شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ إِذْ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَفَسَّرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُمْ حِينَ أَخْبَرُوهُ بِكَذِبٍ وَإِخْلَافٍ وَخِيَانَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِأَهْلِ الْكُفْرِ٤.

وَكَذَلِكَ لَمَّا٥ نَزَلَ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} الْآيَةَ [البقرة: ٢٨٤] شَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦] .

وَقَارَفَ٦ بَعْضُهُمْ بِارْتِدَادٍ أَوْ غَيْرِهِ وَخَافَ أَنْ لَا يُغْفَرَ لَهُ، فَسُئِلَ في ذلك


١ أي: المطلق الشامل لشرك وغيره من المعاصي. "د".
٢ المعروف أن الظلم في الآية هو الشرك كما ورد تفسيره في الحديث بآية: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، ولو رجع قوله: "شق ذلك عليهم" للآية والحديث، وزاد كلمة: "بظلم" قبل قوله: "بكذب" لكان جيدا، وبغير هذا لا يكون لذكر آية الظلم موقع، وفي الواقع هي والحديث بعدها من وادٍ واحد في أنها لما نزلت شق عليهم، ففسرت بما يخفف وقعها عليهم، حيث قالوا: أينا لم يظلم؟ أو نحوه، والتفسير أن رُد إلى الطريق الأعدل. "د" "استدراك٥".
٣ أخرجه البخاري في "الصحيح" كتاب الإيمان، باب علامة المنافق ١/ ٨٩/ رقم ٢٣ ومسلم في "صحيحه" كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق ١/٧٨/ رقم ٥٩"، والترمذي في "الجامع" "أبواب الإيمان، باب ما جاء في علامة المنافق/ رقم ٢٦٢٣"، النسائي في "المجتبى" "كتاب الإيمان باب علامة المنافق ٨/ ١١٧".
٤ ستأتي هذه التتمة في "٣/ ٤٠٢".
٥ مضى تخريجه "ص٢١٠، وهو صحيح.
٦ في "خ": "قارن".

<<  <  ج: ص:  >  >>