للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ كُلُّهُ صَوَابًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا إِنِ امْتَزَجَ فِيهِ الْأَمْرَانِ، فَكَانَ مَعْمُولًا بِهِمَا، فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ١ وَالسَّابِقِ٢، فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ أَمْرَ الشَّارِعِ بِحَيْثُ قَصَدَ الْعَامِلُ نَيْلَ غَرَضِهِ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَشْرُوعِ، فَلَا إِشْكَالَ فِي إِلْحَاقِهِ٣ بِالْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا كَانَ الْمُتَّبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ طَلَبِ الْحُظُوظِ وَالْأَغْرَاضِ لَا يُنَافِي وَضْعَ الشَّرِيعَةِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ مَوْضُوعَةٌ أَيْضًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَإِذَا جُعِلَ الْحَظُّ تَابِعًا، فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْعَامِلِ.

إِلَّا أَنَّ هُنَا شَرْطًا مُعْتَبَرًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَجْهُ الَّذِي حصَّلَ أَوْ يُحَصِّل بِهِ غَرَضُهُ مِمَّا تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَهُ لِتَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْغَرَضِ، وَإِلَّا، فَلَيْسَ السَّابِقُ فِيهِ أَمْرَ الشَّارِعِ، وَبَيَانُ هَذَا الشَّرْطِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ وَالسَّابِقُ هُوَ الْهَوَى وَصَارَ أَمْرُ الشَّارِعِ كَالتَّبَعِ، فَهُوَ لَاحِقٌ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

وَعَلَامَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ تَحَرِّي قَصْدِ الشَّارِعِ وَعَدَمُ ذَلِكَ، فَكُلُّ عَمَلٍ شَارَكَ العاملَ فِيهِ هَوَاهُ، فَانْظُرْ؛ فَإِنْ كَفَّ هَوَاهُ وَمُقْتَضَى شَهْوَتِهِ عِنْدَ نَهْيِ الشَّارِعِ٤، فَالْغَالِبُ وَالسَّابِقُ لِمِثْلِ هَذَا أَمْرُ الشَّارِعِ، وَهَوَاهُ تَبَع، وَإِنْ لَمْ يكفَّ عِنْدَ وُرُودِ النَّهْيِ عَلَيْهِ، فَالْغَالِبُ وَالسَّابِقُ لَهُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ، وَإِذْنُ الشَّارِعِ تَبَعٌ لَا حُكْمَ لَهُ عِنْدَهُ، فَوَاطِئُ زَوْجَتِهِ وَهَيَ طَاهِرٌ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَابِعًا لِهَوَاهُ، أَوْ لِإِذْنِ الشارع، فإن حاضت فانكف، دل عل أَنَّ هَوَاهُ تَبَعٌ، وَإِلَّا؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ السابق.


١، ٢ أي: الأقوى في الحمل على الفعل، والذي سبق إلى النفس منهما. "د".
٣ في "د" و"خ" و"ط": "لحاقه".
٤ في "ط" زيادة "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>