للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِثْلُ هَؤُلَاءِ بِالِاعْتِبَارِ الْمُتَقَدِّمِ أَهْلُ حُظُوظٍ، لَكِنْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ أَخْذُهَا، فَإِنْ قِيلَ فِي مِثْلِ هَذَا: إِنَّهُ تَجَرُّدٌ عَنِ الْحَظِّ، فَإِنَّمَا يُقَالُ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوهَا بِمُجَرَّدِ أَهْوَائِهِمْ تَحَرٌّزًا مِمَّنْ يَأْخُذُهَا غَيْرَ مُلَاحِظٍ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَهَذَا هُوَ الْحَظُّ الْمَذْمُومُ؛ إِذْ١ لَمْ يَقِفُ دُونَ مَا حُدَّ لَهُ، بَلْ تَجَرَّأَ كَالْبَهِيمَةِ لَا تَعْرِفُ غَيْرَ الْمَشْيِ فِي شَهَوَاتِهَا، وَلَا كَلَامَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ لَمْ يَتَصَرَّفْ إِلَّا لِنَفْسِهِ، فَلَا يُجْعَلُ فِي حُكْمِ الْوَالِي عَلَى الْمَصَالِحِ العامة للمسلمين٢، بَلْ هُوَ والٍ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ بوالٍ عَامٍّ، وَالْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ هِيَ المبرَّأة مِنَ الْحُظُوظِ، فَالصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ هَذَا الْقِسْمِ مُعَامَلُونَ حُكْمًا بِمَا قَصَدُوا مِنِ اسْتِيفَاءِ الْحُظُوظِ، فَيَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ بِخِلَافِ٣ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَهُمَا مَنْ لَا يَأْخُذُ بِتَسَبُّبٍ أَوْ يَأْخُذُ بِهِ، لَكِنْ عَلَى نسبة القسمة ونحوها.


١ في "د": "إذا".
٢ كذا في "ط"، وفي غيره: "على المسلمين".
٣ فلا يجوز لهما بمقتضى ما فرضوه على أنفسهم زهدًا وكمالًا في الأحوال لا بتكليف الشرع. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>