للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ" الْحَدِيثَ١ إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ.

فَالْعَامِلُ بِالْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ عَامِلٌ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فِي نَفْسِهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ رَبِّهِ، وَاقْتِدَاءً بِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَكَيْفَ لَا تَكُونُ تَصَارِيفُ مَن هَذِهِ سَبِيلُهُ عِبَادَةً كلَّها؟ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ عَامِلًا عَلَى حَظِّهِ٢، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَلْتَفِتُ [إِلَى] ٣ حَظِّهِ أَوْ مَا كَانَ طَرِيقًا إِلَى حَظِّهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ هُوَ عَامِلٌ فِي مُبَاحٍ إِنْ لَمْ يُخِلَّ بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ غَيْرِهِ فِيهِ، وَالْمُبَاحُ لَا يُتعبَّد إِلَى اللَّهِ بِهِ، وَإِنْ فَرَضْنَاهُ قَامَ عَلَى حَظِّهِ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُ الشَّارِعُ، فَهُوَ عِبَادَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ خَاصَّةً، وَإِنْ فَرَضْتَهُ كَذَلِكَ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ دَاعِيَةِ حَظِّهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ.

فَصْلٌ:

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ يَنْقُلُ الْأَعْمَالَ فِي الْغَالِبِ إِلَى أَحْكَامِ الْوُجُوبِ؛ إِذِ الْمَقَاصِدُ الْأَصْلِيَّةُ دَائِرَةٌ عَلَى حُكْمِ الْوُجُوبِ، مِنْ حَيْثُ كَانَتْ حِفْظًا لِلْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ فِي الدِّينِ المراعاةِ بِاتِّفَاقٍ، وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ صَارَتِ الْأَعْمَالُ الْخَارِجَةُ عَنِ الْحَظِّ دَائِرَةً عَلَى الْأُمُورِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ بِالْجُزْءِ يَصِيرُ وَاجِبًا بِالْكُلِّ، وَهَذَا عَامِلٌ بِالْكُلِّ٤ فِيمَا هُوَ مَنْدُوبٌ بِالْجُزْءِ أَوْ مُبَاحٌ يَخْتَلُّ النظام باختلاله، فقد صار عاملا بالوجوب.


١ أخرجه مسلم في "الصحيح" "كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة ٣/ ١٥٤٨/ رقم ١٩٥٥"، وغيره عن شداد بن أوس ولكن بلفظ: "شيء" بدل "مسلم" وكذا سيأتي عند المصنف "٣/ ٣٩٦"، ومضى تخريجه "١/ ٢١٧".
وانظر سائر الأحاديث الواردة في هذا الباب في كتاب السخاوي "تحرير الجواب في ضرب الدواب" بتحقيقنا.
٢ في "ماء/ ١٨٩": "حظوظه".
٣ سقط من "ط".
٤ أي: عامل بقصد الأمر الكلي، وهو إقامة المصالح العامة للناس، لا لخصوص نفسه، سواء أكان الفعل الجزئي مندوبا أم كان مباحا يختل النظام إذا اختل. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>