وعاش الإمام الشهيد حسن البنا غريبا في محيط الزعماء .. الذين كانوا يجيدون احتراف المثيل ولا يبالون صدق الزعامة .. ويعتزون باسم الزعامة ولا يكترثون لجوهرها لأن جوهر الزعامة الأصيلة أن يعطي الزعيم الناس أضعاف ما يأخذ منهم وأن يضفي عليهم من عقله ووجدانه أضعاف ما يضفون عليه من الثقة به .. فالزعيم الحق هو الذي يضع للناس مبادئ ويصوغ لهذه المبادئ مناهج ثم يحول هذه المناهج إلى خطة عمل يقودها بنفسه في مواقع العمل .. وليس الذي كل ما يقدمه للناس خطبة عصماء ,وشعارات جوفاء ويتلقي منهم هتافات عالية تشق عنان السماء وتصفيق يخترق أجواز الفضاء ... لذلك رفض الإمام الشهيد حسن البنا أن يكون زعيما على هذه الشاكلة ... رفض أن يهتف به أو يصفق له ... رفض أن يكون قديسا يضطلع بأعباء الكهنوت السياسي .. وآثر أن يعيش غريبا في محيط الزعماء .. !!
* * *
كان حسن البنا عبقرية فذة , وبصيرة نافذة ... تمثلت فيه شجاعة نادرة , وحكمة بالغة أيقظ الناس وأضاء لهم الطريق إلى الإسلام الصحيح .. الذى رد إليه اعتباره بعد أن صحح مفاهيمه .. كان كالباحث عن