لسنا في حاجة إلى ضرب الأمثلة عن المواقف التي تشهد بشجاعة حسن البنا الأدبية، حسبنا أن نشير إلى أقل القليل من هذه المواقف.
في بداية الربع الثاني من هذا القرن بدأت فكرة الإخوان تشق طريقها إلى حياة الناس، مُنْشِئُهَا ومؤسسها، ومفكرها، وواضع حجر الأساس في بنائها، هو حسن البنا. لكن كيف كانت ظروف مصر التي نبتت على أرضها فكرة الإخوان؟ الاحتلال الإنجليزي جاثم على صدر البلاد، ومنطقة القنال التي بدأت منطلقًا لفكرة الإخوان يتمركز في أرضها جنود الاحتلال، أي أن القاعدة البريطانية ألقت بكل ثقلها في منطقة الإسماعيلية، وفي نفس مدينة الإسماعيلية نبتت الفكرة، لكن من كان يحكم مصر على الحقيقة؟. نحن لم ننس أنه كان في مصر حكومة ينتمي أعضاؤها إلى مصر بحكم شهادات الميلاد، وأنه كان في مصر أحزاب سياسية تسعى إلى الحكم، وتتزلف إلى السفارة البريطانية «الحاكم الحقيقي لمصر» كي تحظى بالقرب من كراسي الحكم. أما الشعب المصري، فقد كانت الغالبية الساحقة منه تعيش في سلبية مطلقة، لا تدري عن السياسة شيئًا، ولا تباليها إِنْ شَرَّقَتْ أَوْ غَرَّبَتْ. أما القلة القليلة من الشعب فهي التي كانت تشتغل بالسياسة بمفهومها الحزبي وليس بمفهومها الوطني، لأن مصالحها ارتبطت بالأحزاب لا بالوطن.