للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونحن لم ننس أن هذه الأحزاب السياسية كانت لعبة السفارة البريطانية، ولعبة القصر أيضًا، بل كان القصر نفسه لعبة السياسة البريطانية في مستوياتها العليا، وكذلك لم ننس أنه كان في مصر المخابرات البريطانية، وربيبها القلم السياسي، يعد على الناس أنفاسهم، فضلاً عن حركاتهم وسكناتهم.

وفي إيجاز يمكن أن نقول: إن الشعب المصري كان يفتقد القيادة الصادقة وطنيتها، فالحزب الوطني - وهو يكاد يكون الحزب اليتيم المخلص لمصر - فقد ظله، لقد ألزم نفسه بشعار مثالي لا يصلح لدنيا السياسة، ولا سيما إذا كانت بريطانيا طرفًا فيها، هذا الشعار هو: «لا مفاوضة إلا بعد الجلاء» وتماثل الحزب الوطني للاندثار دون أن يتحقق شعاره الذي كانت الحكمة تنقصه.

والأزهر، هل كان في حالة تؤهله لقيادة الشعب المصري؟.

الأزهر أدى دوره المشرف في الحملة الفرنسية على مصر، وهذا دوره يحسب له في تاريخه، ولم يظهر له وجود يذكر بعد ذلك إلا في ثورة عام ١٩١٩، وهي ثورة - مهما قيل فيها - مرتجلة لعبت الغوغائية فيها دورًا رئيسيًا، والفرق بين الموقفين للأزهر، هو أن الأزهر في مواجهة الحملة الفرنسية كان مستقل الإرادة، ودافعه العقيدة الدينية، بينما كان موقفه في ثورة عام ١٩١٩ بلا إرادة مستقلة له،

<<  <   >  >>