بأسلوبه الشيق، وكلماته الجذابة البسيطة على مسامع القوم. ضرب لهم الأمثلة لفكرته من واقع بيئتهم وأعمالهم، وأصغوا إليه إصغاؤهم لقصص الأبطال والفاتحين.
* * *
كانت مهمة حسن البنا تختلف عن مهمة الواعظ أو المصلح، فالواعظ يستطيع أن يوقظ النيام، والمصلح يستطيع أن يرسم الطريق، لكن مهمة حسن البنا - وإن كانت تجمع بين الاثنين، مهمة الواعظ ومهمة المصلح - إلا أن لها شأنًا آخر، هو عملية البناء ذاتها، لقد اضطلع الأفغاني بمهمة الواعظ الذي يوقظ الشعوب، ولقد اضطلع الإمام محمد عبده وغيره بمهمة المصلح الذي يرسم الطريق، والحق أن الجميع قد أدوا رسالة لا يمكن أن يتجاهلها التاريخ، لكنهم لم تسمح ظروفهم بأن يقيموا بناء كالذي أقامه حسن البنا: صَنَعَ لَبِنَاتَهُ بِنَفْسِهِ، وقام بدور المقاول والمهندس وصانع الأثاث، رَبَّى جيلاً من الناس غير متجانس، تتفاوت ثقافاته، وتتفاوت معارفه، ولكنه استطاع أن يوحد بين هذا الجيل غير المتجانس في الفكر والتفكير والعزائم والقدرات، أرسى فيه أولاً قواعد الفكر الإسلامي النظري، ثم هيأه للانتقال إلى مرحلة دروه العملي والتطبيقي.
كان للمصباح الذي حمله حسن البنا مهمته إرسال الأشعة إلى