العقول لتضيء، وإلى البصائر لتنتج، وإلى القلوب لتستجيب، وكان أن قامت رابطة بين الداعي الرائد، وبين الأتباع المريدين، أساسها العقل والبصيرة والقلب، وحدة في الفكر والنظر والشعور، ثم الثقة المتبادلة، والرأي المتبادل أيضًا، ولم يكن من أسس هذه الرابطة أو الوحدة، القداسة التي يضفيها المريدون على شيخهم في الطريق، أو الطاعة العمياء التي تتطوع بها الأحزاب السياسية لزعمائها، بل إن حسن البنا كان حتى آخر لحظة يعتبر نفسه مريدًا، والفكرة هي الرائد، وجنديًا والفكرة هي القائد. وبذلك كسب قلوب الجميع، واكتسب الجميع قلبه.
والذين يحلو لهم أحيانًا أن يلقوا على الرجل ظلاً من القداسة، أو بمعنى أصح - ظلاً من التقديس، لما كان أتباعه يحوطونه بالإجلال والتقدير. هؤلاء يتجاهلون قيمة الرجل في الزهد والتواضع، وإنكار الذات.
أذكر أنني كنت معه في إحدى الرحلات، وفي مدينة طما بالصعيد، كان السرادق يغص بأعيان البلد، ورجال الأحزاب، لم يكن في البرنامج أن أتكلم، ولكني فوجئت به عندما قام للحديث، يأخذ بيدي إلى المنصة، وكان مما قلته: إننا آمنا بدعوة الإخوان، وإيماننا بها مرتبط بالمبادئ وليس بالأشخاص، ولقد حببنا في هذه الدعوة