إنّي وربّ البدن والقلاص ... عملتها من خالص الرّصاص
وقرئ عليه أيضا: أنّي نقبتها وكسوتها الأنطاع، ثم كسوتها الحبر اليمانية، ثم كسوتها الديباج، فمن ادّعى القوّة في ملكه فليكسها الحصر، فأراد المأمون أن يكسوها الحصر فكان «١» يخرج فيها خراج مصر أجمع.
وبمصر الرمل المحبوس، والطور الذي كلّم الله عزّ وجلّ موسى (عليه السلام) بها، وهو في صحراء التيه فيما بين القلزم وأيلة، وفيها الصّرح الذي لم ير قطّ شيء مثله، وهم يقولون نحن أكثر الناس عبدا وشهدا وقتدا ونقدا، قالوا:
والصوف والكتّان لنا ليس لأحد من أهل البلدان مثلها، وقالوا: ولنا الحمير المريسيّة، والبغال المصريّة، والخيل العتاق، والمطايا من الإبل، قالوا: ولنا الأودية والمراتع التي ليس لأحد مثلها، وربّما خيف على الإبل الهلاك من السمن، لأنها إذا بلغت الغاية في السمن، فربّما انصدعت كراكرها عن شحمة كالسنام، حتى يخرّ البعير ميّتا، قالوا: ولنا الشمع والعسل والريش والخيش، ولنا ضروب الرقيق والجواهر.
وبمصر، الإسكندريّة،
قال النبيّ (صلى الله عليه وسلم) : «خير مسالحكم الإسكندريّة» ،
وهي من بناء الإسكندر وبه سميت، ويروى في قول الله عزّ وجلّ: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
قال: هي الإسكندريّة، وقال الحسن البصريّ: لأن أبيت بالإسكندريّة ليلة على فراشي أحبّ إليّ من عبادة سبعين ليلة، كلّ ليلة منها ليلة القدر بمقدارها. وروى زهرة بن معبد القرشيّ قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: أين تسكن بمصر؟ قلت:
الفسطاط. قال: تسكن المدينة الخبيثة وتذر الطيّبة. قلت: أين؟ قال:
الإسكندريّة، فإنك تجمع دينا ودنيا وهي طيّبة الموطأ، والذي نفسي بيده لوددت أن قبري فيها ولمّا همّ الإسكندر ببنائها دخل هيكلا لليونانيّين عظيما، فذبح فيه ذبائح كثيرة، وسأل أحبارها أن تبيّن له أمر المدينة هل يتمّ بناؤها، وكيف يكون؟
فرأى في المنام كأن جدار ذلك الهيكل يقول له: إنك تبني مدينة يذهب صوتها في