المواعظ والأشعار الوعظية:«ولو لم يفدك هذا الكتاب من الأخبار العجيبة والأشعار الظريفة والأمور الغريبة، لكان فيما يفيدك من أخبار البلدان وعجائب الكور والأمصار بلاغا ومقنعا. فكيف وقد أفادك علم الماضين وأخبار الأولين.
وذلك علم المعنيين. ووقفك على الطريقين، وأرشدك إلى الأمرين جميعا: حكمة بالغة وموعظة موجزة. تعرفت منه أخبار الماضين وأبنية من قد سلف من الأولين.
وفي هذا الخبر الذي أثبته هاهنا عبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر، ودليل على وحدانية الله تعالى، ومخبر عن آياته وقدرته. فصفّ ذهنك وفرّغ قلبك، وأقبل عليه بسمعك وتفكر فيه وفيما تضمنته من الأعجوبة. فإن فيه عبرة لأولي الألباب» (١٠٩ ب) ثم أورد بعد ذلك قصة عجيبة عن الخضر وملك بني إسرائيل.
[نقول عن كتاب البلدان]
أول من نقل عنه، حسن بن محمد القمي الذي ألّف كتابه تاريخ قم عام ٣٧٨ هـ- الذي نقل عنه في اثنى عشر موضعا.
والثاني هو المقدسي البشاري (٣٣٥- ٣٩٠ هـ-) الذي كان ازدراؤه لكتاب ابن الفقيه- كما مرّ بنا فيما مضى- مانعا له عن النقل عنه، فلم ينقل إلّا في موضع واحد (ص ٢٧ من طبعة بيروت) .
ويأتي بعد ذلك محمد بن محمود بن أحمد طوسي مؤلف كتاب عجائب المخلوقات الذي قال حاجي خليفة (٢: ١١٢٧) أنه ألّفه عام ٥٥٥ هـ- إلّا أن محقق الكتاب لاحظ فيه تاريخ ٥٦٢ هـ- وأضاف:«على الرغم من كون اسمه: الطوسي.
إلّا أنه إمّا أن يكون من أهل همدان أو عاش ردحا من الزمن فيها، كما يستفاد من الكتاب. وهو لم يشر إلى مصادره إلّا فيما ندر، ولم يشر إلى ابن الفقيه ولا مرة واحدة» «١» .
ومن خلال مطالعتنا لعجائب الطوسي رأينا العجب العجاب. فالرجل قد نقل أكثر من ثلثي كتابه عن ابن الفقيه ولم يشر إليه ولا مرة واحدة. ولم يكن له من