ثم بالنار يعيش أصل الأرض من وجوه، فمن ذلك صنيع الشمس في البرد والماء والأرض. ولأنها صلاح جميع الحيوان عند حاجتها إلى دفع عادية البرد، ثم سراجهم الذي يستصبحون وبضيائه يميزون الأمور.
وفي الأرض عيون قار وعيون زئبق وعيون نفط وكبريت، ومعادن ذهب وفضة ورصاص ونحاس وحديد. فلولا ما في بطن الأرض من أجزاء النار، ما ذاب في قعرها جامد ولما انسبك في معادنها شيء من الجواهر، ولما كان لقواها جامع ولخبثها مفرّق «١» .
ثم رجع بنا القول إلى ذكر البلدان.
قالوا: وفي بعض رساتيق همذان عيون ماء تنبع، فإذا جرى من مكانه وزال عن موضعه تحجّر وصار صخرا تبنى به الأبنية.
وقيل أيضا إن الشب اليماني إنما هو ماء يقطر من كهوف في جبال باليمن، فإذا وقع إلى الأرض استحجر وصار شبّا وحمل إلى سائر البلدان. وكذلك النوشاذر ومعدنه كهف بكرمان. وزعموا أنه بخار يتكاثف في ذلك الكهف، فإذا اجتمع خرج إليه السلطان وأهل البلد فجمعوه وأخذ السلطان حصة منه وسلّم الباقي إلى أهل البلد فتوزّعوه على رسوم قد تراضوا بها.
٢/٨٢
ذكر ما خصّ الله تعالى كل بلدة بشيء من الأمتعة دون غيرها
وقال بعض العلماء: لولا أن الله عزّ وجلّ بلطفه خصّ كل بلد من البلدان وأعطى كل إقليم من الأقاليم شيئا قد منعه غيره، [١٣٠ أ] لبطلت التجارات