الرّها، ومسجد دمشق. ولمدينة دمشق ستّة أبواب: باب الجابية، وباب الصغير، وباب كيسان، وباب الشرقيّ، وباب توما، وباب الفراديس، هذه التي كانت على عهد الروم ولمّا أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق دعا نصارى دمشق فقال: إنّا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم هذه، ونعطيكم موضع كنيسة حيث شئتم، فحذّروه ذلك وقالوا: إنّا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلّا خنق، فقال الوليد: فأنا أوّل من يهدمها. فقام عليها وعليه قباء أصفر فهدمها بيده وهدم الناس معه، ثم زاد في المسجد. فلمّا هدمها كتب إليه ملك الروم أنك هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها. فإن كان حقّا ما عملت فقد أخطأ أبوك، وإن كان باطلا فقد خالفت أباك، فلم يعرف الوليد جوابا فاستشار الناس وكتب إلى العراق فقال الفرزدق: أجبه يا أمير المؤمنين بقول الله جلّ وعزّ: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
- الآية إلى قوله- حُكْماً وَعِلْماً
فكتب إليه الوليد بذلك فلم يجبه.
والوليد «١» ممّن زاد في المساجد وبناها، فبنى المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد قبا، ومسجد دمشق، وأوّل من حفر المياه في طريق مكّة إلى الشام، وأوّل من عمل البيمارستانات للمرضى، وكان في ذلك أنه خرج حاجّا فمرّ بمسجد النبيّ (صلى الله عليه وسلم) فدخله فرأى بيتا ظاعنا في المسجد شارعا بابه فقال: ما بال هذا البيت؟ فقيل: هذا بيت عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) أقرّه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وردم سائر أبواب أصحابه فقال: إن رجلا نلعنه على منابرنا في كلّ جمعة ثم نقرّ بابه ظاعنا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بين الأبواب، اهدم يا غلام. فقال روح بن زنباع الجذاميّ: لا تفعل يا أمير المؤمنين حتى تقدم الشام، ثم تخرج أمرك بتوسيع مساجد الأمصار مثل: مكّة، والمدينة، وبيت المقدس، وتبني بدمشق مسجدا فيدخل هدم بيت عليّ بن أبي طالب فيما يوسّع من مسجد المدينة. فقبل منه وقدم الشام وأخذ في بناء مسجد دمشق، وأنفق عليه خراج المملكة سبع سنين. ليكون ذكرا له، وفرغ من المسجد في ثماني سنين، فلمّا