فأخذوا من ضيافتهم وسماحتهم. قال: فأهل البصرة. قال: نزلوا بحضرة الخوز.
فأخذوا من مكرهم وبخلهم. قال: فأهل الحجاز. قال: نزلوا بحضرة السودان فأخذوا من حمقة عقولهم وطربهم، فغضب الحجّاج فقال له: أعزّك الله لست حجازيّا، إنما أنت رجل من أهل الشام. قال: فأخبرني عن أهل الشام. قال: نزلوا بحضرة الروم فأخذوا من ترفّقهم وصناعتهم وشجاعتهم.
ويقال: ريف الدنيا من السمك ما بين ماهيرويان إلى عمان، وريف الدنيا من التمر ما بين اليمن إلى البصرة وهجر، وريف الدنيا من الزيتون فلسطين إلى قنّسرين.
وقال المدائنيّ: قدم وفد من العراق على معاوية بن أبي سفيان فيهم صعصعة بن صوحان العبديّ، فقال معاوية: مرحبا بكم وأهلا، قدمتم خير مقدم، وقدمتم على خير خليفة، وهو جنّة لكم، وقدمتم الأرض المقدّسة، وقدمتم أرض المحشر والمنشر، وقدمتم أرضا بها قبور الأنبياء. فقال صعصعة: أما قولك يا معاوية قدمتم خير مقدم فذاك من قدم على الله والله عنه راض، وأما قولك قدمتم على خليفتكم وهو جنّة لكم فكيف بالجنّة إذا احترقت، وأما قولك قدمتم الأرض المقدّسة، فإن الأرض لا تقدّس أهلها لكن أهلها يقدّسونها، وأما قولك قدمتم أرض الحشر والمنشر فإن بعد الأرض لا ينفع كافرا ولا يضرّ مؤمنا، وأما قولك قدمتم أرض الأنبياء بها قبور الأنبياء فإن من مات بها من الفراعنة أكثر ممّن مات فيها من الأنبياء. فقال معاوية: اسكت لا أرض لك. قال: ولا لك يا معاوية، الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين. قال معاوية: يا صعصعة إني كنت لأبغض أن أراك خطيبا. قال: وأنا والله يا معاوية أبغض أن أراك أميرا.
قالوا: ودومة الجندل شاميّة، وهي فصل ما بين العراق والشام، وهي على سبع مراحل من دمشق.
قال: ولمّا فتح أنوشروان قنّسرين ومنبج وحلب وأنطاكية وحمص ودمشق وإيلياء استحسن أنطاكية وبناءها، فلمّا انصرف إلى العراق بنى مدينة على مثال أنطاكية بأسواقها وشوارعها ودورها وسمّاها زندخسره، وهي التي تسمّيها العرب