للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المؤمنين اثنان وسبعون رجلا على أن يأمروه بالمعروف وينهوه عن المنكر فانتدب منهم رجلان لذلك فكلّماه فأمر بهما ليصلبا، فاجتمع السبعون فقال بعضهم لبعض: نقضتم العهد وأسلمتم إخوانكم للقتل، وأمركم الآن أشدّ من أمركم الأوّل، فائتمروا ليأخذوا السلاح ويفتكوا لمورق. حتى يقتلوه، فلمّا أبرز المورق بالرجلين شدّوا عليه فقتلوه، ونادوا: أيّها النّاس لا بأس فإنما غضبنا لله، فاجتمع إليهم الناس وقالوا لهم: قد قلّدناكم أمورنا، فولّوا من أنفسكم من شئتم، فملّكوا عليه رجلا يقال له فوق، فهو الذي ضرب الدنانير الفوقيّة، ثم ملك فوق وكان سيّء السيرة، فأرادت الروم أن تخلعه، فعمد إلى خزائنهم وأموالهم فرمى بها في البحر، وشحن منها السفن، وأسرعها تحملها الريح حتى جاءت بها إلى الشام، وكان شهر براز غلاما لكسرى على الشام، فخرج إلى الساحل فرأى السفن، فأمر بها فأخذت واستخرج ما فيها من الأموال، فسمّى ذلك المال كنج باذاورد، فبطلت أموال الروم منذ حينئذ، فليس في الأرض روميّ له عطاء أكثر من خمسة دنانير وعشرة دنانير هذا للشريف منهم فهم إلى يومنا هذا على هذا.

وقال ابن دأب «١» عن موسى بن عقبة قال: كان عبادة بن الصامت يحدّث أن بعض الخلفاء بعثه وهشام بن العاص ونعيم بن عبد الله إلى ملك الروم يدعوه إلى الإسلام، قال: فخرجنا حتى جئنا جبلة ابن الأيهم الغسّانيّ وهو بالغوطة، فأدخلنا إليه فإذا هو على فرش مع السقف، فأجلسنا بعيدا فأرسل إلينا رسولا نكلّمه، فقلنا لا والله لا كلّمناه برسول، فأدنينا منه فكلّمه هشام ودعاه إلى الله، فإذا عليه ثياب سود فقال له هشام: ما هذه المسوح التي لبستها؟ قال: لبستها وعليّ نذر ألّا أنزعها حتى أخرجكم من الشام، قلنا: والله لنخرجنّك من فرشك ومن دار مملكتك ونملك الملك الأعظم إن شاء الله،

أخبرنا بذلك نبيّنا (صلى الله عليه وسلم) ، قال: إذا أنتم السّمراء. قلنا: وما السمراء؟ قال: الذين يصومون النهار ويقومون الليل. قلنا:

فنحن والله هم. قال: وكيف صومكم؟ فأخبرناه بذلك. قال: فرطن لأصحابه

<<  <   >  >>